فالجواب، إن دفع هذا الإشكال جلى عند من تأمل السبب المولد له فاقتصر على حقيقته فإنه متى فعل ذلك اندفع عن الإشكال من هذا الوجه. وتقربيه أن نقول سبب هذا الإشكال الغفول (3) عن الفضل بين من يستحق معنى هذا الاسم حقيقة وبين من يدعيه، فإنه متى تأمل هذا السبب تحقق أن المستحق لهذا الاسم حقيقة هم طائفة أهل الحق المتمسكين به من بين لفرق فقط. لأن المعروف عند الأمة أن المراد بالإباضي كل من كان على ما كان عليه عبد الله بن أباض رحمه الله من الدين، إذ قد بينا درجات المختلفين من الأمم المكلفين الأربع التي درجة أهل الحق العليا منهم واحدة، وهم اليوم عندنا المتمسكون بدين عبد الله بن أباض الذي قلنا إنه دين الله، وإنما يقتصر على هذا السبيل عند من وافقنا على حق الدين الذي كان عليه عبد الله بن أباض. الذي عندنا هذا المنازع لنا أنه موافق في ذلك.
مسألة: ويقال له من أين أنكرت أن لا تجوز الشهادة قطعا لمن مات على الدين الإباضي بالجنة؟ فإن قال، لاشتراك الفرق المتشعبة في ادعائه كالطريفية (4) والشعبية (5) والهارونية، والصفرية، وما أشبهم. قلنا فجميع هذه الفرق هم عليه أم لا؟ فإن قال: نعم، قلنا: وهم مع ذلك متضادون يبرأ بعضهم من بعض. فإن قال لا، أنكروا المعقول المعروف، وإن قالوا نعم، قلنا هذا محال أن يكون للضدين معنى الاسم الواحد وهذا [75] مكابرة العقل. وإن قال: ليس الجميع عليه قلنا: أفليس إنما عليه طائفة الحق خاصة دون غيرهم؟ فإن قال نهم قلنا فقد خرج من سواهم عنه أم لا؟ فإن قال بلى، قلنا: فخرجوا في الاسم في الاسم عندكم والمعنى أم في المعنى دون الاسم؟ فإن قال: في المعنى دون الاسم، قلنا، فهم مستحقون هذا الاسم عندكم؟ فإن قال نعم، قلنا، بم استحقوه وهم عندكم على خلافه؟ فإن قال، بتسميهم به، قلنا فكل متسم باسم يكون، فقد حكمتم لهم قطعا بالدين الذي من مات عليه دخل الجنة لإضافتكم إياه إليهم.
مخ ۹۶