الباب الثاني من الأبواب الثمانية في بيان الواجبات التي للصلاة وتقدم تعريف الواجب والمراد بها الأقوال والأفعال التي تصح الصلاة بدونها ويجب سجود السهو بتركها سهوا والإعادة بتركها عمدا أو ترك السجود لها والوقت صالح واستحباب الإعادة لها بعد الوقت في ذلك وهي أي الواجبات المذكورات إحدى وعشرون واجبا منها أي من الإحدى والعشرين ما أي نوع يعم أي يشمل جميع المصلين الرجل والمرأة والخنثى والصبي والمقيم والمسافر والمنفرد وغيره وجميع الصلوات الفرض والواجب والسنة والنفل وهي أي الواجبات التي تعم جميع ذلك سبعة سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى ومنها أي الواجبات الإحدى والعشرين ما أي نوع يخص بعض المصلين دون بعض وبعض الصلوات دون بعض كما سنبينه وهي أي الواجبات التي تخص ذلك أربعة عشر واجبا أما النوع العام فالأول منه لفظ التكبير أي قول الله أكبر من غير مد الهمزة ولا الباء وظاهره أن الواجب هو واحد من الألفاظ الخمسة التي ذكرناها فيما سبق عن أبي يوسف وأما خصوص الله أكبر بصيغة أفعل التفضيل مجردة * عن الألف واللام فذلك سنة كما أن افتتاح الصلاة فرض بما يدل على تعظيم الله تعالى وهو معنى التكبير فيكون معنى الله أكبر فرض ومادة اشتقاقها واجب ولفظها سنة ومعنى الله أكبر أنه أكبر من أن ينال بالحواس أو يدرك جلاله بالعقل والقياس للتحريم احترازا عن تكبيرات الانتقالات فإنها سنة كما يأتي والثاني القعدة الأولى وهي ما ليست بأخيرة فمدرك المغرب في الركعة الثانية خلف خلاف يقعده بتلك القعدة أربع قعدات فالرابعة هي الأخيرة وما قبلها قعدات أول وذكر في البحر أن القعدة الأولى فرض على المقتدي بحكم المتابعة لإمامه فيبقى وجوبها في حق الأمام والمنفرد خاصة والثالث قراءة التشهد يعني تشهد ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله والواجب هو هذه الكلمات بحروفها لا يجوز الزيادة ولا النقصان منها ولا التقديم ولا التأخير وقد ذكر في البحر أن هذه التشهد فرض على المقتدي بحكم المتابعة فيكون وجوبه باعتبار الإمام والمنفرد أيضا في القعدتين الأولى والأخيرة وما بينهما أيضا إن اتفق ذلك كما ذكرنا وينبغي أن يقصد بألفاظ التشهد الإنشاء دون الإخبار فالتحيات العبادات القولية والصلوات العبادات الدينية والطيبات العبادات المالية والشهادة الإخبار بما قد شوهد مشاهدة عيان أو مشاهدة إيقان والرابع الاطمئنان أي تسكين الجوارح مقدار تسبيحه في حال الركوع تكميلا له وفي حال السجود أيضا وأما القومة من الركوع والاطمئنان فيها والجلسة بين السجدتين والاطمئنان فيها فهو سنة وعند أبي يوسف والشافعي فرض والخامس إتيان كل فرض من فرائض الصلاة والمراد به الأركان في موضعه الذي شرع أداؤه فيه من غير تأخير له عنه قدر ركن والسادس إتيان كل واجب من واجبات الصلاة كذلك يعني في موضعه الذي شرع أداؤه فيه من غير تأخير حتى لو فرغ من قراءة الفاتحة وتفكر أية سورة يقرأ مقدار أداء ركن ساكنا من غير ذكر ولا تسبيح وجب عليه سجود السهو وكذلك لو فرغ من الفاتحة والسورة ووقف ساكتا ولم يركع قدر أداء ركن أو تفكر في صلاته ولم يشتغل حالة الفكر بقراءة ولا تسبيح حتى مكث قدر أداء ركن وجب عليه سجود السهو وإن كان ذلك عمدا فإنه يسمى سجود العمد حينئذ كما أشار إليه والدي رحمه الله تعالى والسابع الخروج من الصلاة بلفظ السلام الأول ويسن الثاني وقيل يجب أيضا ويجعل صوت الثاني أخفض من الأول وينوي به الإمام مخاطبة المقتدين والحفظة وينوي المقتدي عن يمينه ويساره من بقية المقتدين مع الحفظة والإمام إن كان في الأولى أو الثانية وإن كان محاذيا له نواه فيهما وينوي المنفرد الحفظة وقيل مع صالحي الجن وأما النوع الخاص من الواجبات فالأول تعين*الركعتين الأوليين من الفرائض الرباعية والثلاثية للقراءة المفروضة أو الواجبة أو المسنونة والثاني تعيين سورة الفاتحة لهما أي للركعتين الأوليين من الفرض وأما الواجب والنفل فهي واجبة في جميع ركعاته والثالث اقتصارها أي اقتصار الفاتحة والمراد في الفرض والواجب على مرة واحدة من غير تكرار حتى لو كررها سهوا يجب عليه سجدة السهو وسيأتي في المباحات جواز تكرارها في التطوع والرابع ضم سورة طويلة أو قصيرة أو ضم ثلاث آيات قصار كل آية مركبة من كلمتين فصاعدا أو ضم آية طويلة مقدار سورة فصاعدا معها أي مع الفاتحة والخامس تقديم الفاتحة عليها أي على السورة أو ما يقوم مقامها وهذه الواجبات الخمس إنما هي واجبات على كل من تفترض عليه القراءة وهو الإمام والمنفرد والمسبوق لا على من لا تفترض عليه وهو المقتدي والأمي والأخرس وهذا بيان لما هو معلوم إذ هذه الواجبات من النوع الخاص دون العام فكأنه أراد تقسيم الخصوص إلى خصوص فاعل وهو ما ذكر وخصوص مفعول وهو ما يأتي في قوله والسادس القنوت وهو مطلق الدعاء الذي لا يمكن طلبه من غير الله تعالى وأما خصوص الوارد فهو سنة وذلك في الركعة الثالثة قبل الركوع من صلاة الوتر الذي هو فرض عملي عند أبي حنيفة سنة عندهما وعند باقي الأئمة والقنوت هو قوله : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوب إليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق ويأتي بالقنوت الإمام والمقتدي سرا وقيل يجهر الإمام والمختار الأول ويستحب أن يقرأ أحيانا في الركعة الأولى من الوتر إن كان إماما أو منفردا سورة سبح بعد الفاتحة وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد وفي رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الوتر تسع سور في الأولى بعد الفاتحة إنا أنزلنا ه وإذا زلزلت الأرض وألهاكم وفي الثانية والعصر وإنا أعطيناك وقل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد وفي بعض الروايات في الثالثة الإخلاص والمعوذتين وهل يرفع يديه في وقت القنوت باسطا كفيه إلى السماء فقيل لا يرفع ذكره والدي رحمه الله والسابع الجهر بجميع ما يقرأه وهو إسماع جميع من يقرب منه عادة على حسب طاقته حتى لو اجتهد نفسه في الجهر كره في موضعه أي موضع الجهر وذلك في صلاة الفجر والأوليين من المغرب والعشاء أداء وقضاء وفي الجمعة والعيدين إذا كان يصلي بجماعة بأن كان إماما ولو لواحد ذكرا أو أنثى أو صبي في كل الصلوات أو ثلاث رجال فصاعدا قبل السجود الأول في الجمعة والعيدين وأما بعده إذا انفردت الجماعة حيث يتمها جمعة فهل يجب الجهر لم أجد من ذكره وينبغي أن يجب لإطلاقهم ذلك في الجمعة والعيدين من غير تفصيل ومفهوم الروايات حجة وأما المنفرد والمسبوق فيخير بين الجهر والمخافتة وجهره دون جهر الإمام وهو أفضل وذلك إن أدى وإن قضى فتجب عليه المخافتة والثامن المخافتة وهو إسماع نفسه بالقراءة أو إمكان ذلك في الأصم والمصلي في ضجة أو خرير ماء والمراد في جميع ما يقرأه أيضا حتى لو جهر بآية في موضع المخافتة أو خافت بها في موضع الجهر يجب عليه السجود في السهو ولا عبرة بما دون ذلك كذلك أي كالجهر في موضعها وذلك في صلاة الظهر والعصر سواء كان بجماعة أو منفردا أداء أو قضاء ويجب على الإمام الجهر في الوتر والتراويح ويخير المنفرد والتاسع إنصات أي عدم قراءة المقتدي البعيد والقريب القرآن في وقت قراءة الإمام في السرية والجهرية وفيما عدا الأولين في الجهرية إن اقتدوا به في ذلك أو في الأوليين وكان لا يسمعه لبعد أو صمم ويتركه في غير ذلك والعاشر متابعة المقتدي لجميع أفعال الإمام في تلك الصلاة التي اقتدى به فيها على أي حال من أحوال الصلاة وجده أي وجد المقتدي إمامه فيه سواء كان في حالة القيام من الركوع أو السجود أو القعود أو غير ذلك وإن لم يكن ذلك الحال الذي وجده فيه محسوبا من صلاته أي من صلاة المقتدي الظاهر أن الواو في قوله ( وإن لم يكن ) زائدة فيبقى الكلام شرطا لما قبله يعني أن المقتدي إذا دخل في صلاة الإمام وكان إمامه في القيام الذي بعد الركوع أو في السجود وجب عليه أن يتابعه في ذلك فإن لم يتابعه أثم وصح الإقتداء ولا تبطل صلاته لأنه يقضي ما فاته بعد فراغ الإمام وكذلك إذا اقتدى به عند الخرور إلى السجود أو بين السجدتين ونحو ذلك من المواضع التي لا تحسب له الركعة فيه والأفضل الاقتداء في ذلك والمتابعة ، وأما إذا أدرك الإمام في القيام أو في الركوع وشاركه فيه حيث يصير ذلك محسوبا من صلاته فإن المتابعة عليه فرض * لا واجبة والحادي عشر سجدة في أربعة عشر موضعا في القرآن منها أول الحج فقط وص بسبب التلاوة المسموعة للتالي إلا لمانع جميع الآية أو أكثرها مع كلمة السجدة ولو بغير العربية فهم الأولى بين تكبيرتين هما سنة بلا رفع يد ولا تشهد ولا سلام مع شروط الصلاة إلا التحريمة في أي وقت شاء ما عدا وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها وتفسد بجميع مفسدات الصلاة إلا المحاذاة للمرأة وفيها تسبيح الصلاة ثلاثا على الإمام التالي في الصلاة السرية والجهرية وعلى المقتدي به وإن لم يسمعها منه وإن لم يكن مقتديا به حين تلاها وعلى المنفرد أيضا إذا تلاها في صلاته ويجوز الركوع لها في الصلاة وقيل في غيرها أيضا وتؤدى بركوع الصلاة أيضا إن نواها فيه وكانت في آخر قراءة وسجود الصلاة أيضا ولو من حائض أو نفساء أو كافر أو صبي ولو لم تجب عليهم لا من قرر * متكلم أو طير أو مقتدي أو من الصدا * ولو كررها في مجلسين وجب سجدتان لا في مجلس واحد وإسداء الثوب والانتقال من غصن إلى آخر والتسبيح في النهر أو الحوض الكبير تبديل ولو كررها في المسجد المعتاد لا تتكرر بخلاف غير المعتاد كالمسجد الحرام والمسجد الأقصى ونحو ذلك ولا يجب السجود على من كتبها والثاني عشر تكبيرات صلاة العيدين الثلاث في كل ركعة ما عدا تكبيرة الافتتاح فإنها فرض وتكبير الركوع فإنه سنة إلا في الركعة الثانية من العيدين فإنه سيذكره عقيب هذا المصنف رحمه الله تعالى فإنه واجب يرفع يديه في الثلاث المذكورة ويسكت بين كل تكبيرتين قدر ثلاث تسبيحات ويرسل يديه بين التكبيرات والثالث عشر تكبير ركوعهما أي العيدين والظاهر تخصيصه بالركعة الثانية ، قال الزيلعي في باب سجود السهو ولو ترك تكبيرة الركوع الثاني من صلاة العيد وجب عليه سجود السهو لأنها واجبة تبعا لتكبيرات العيدين بخلاف تكبيرة الركوع الأول لأنها ليست ملحقة بها والرابع عشر سجود السهو وهو سجدتان بعد سلام واحد وسلامين أو قبلهما والأول أولى وبعد تشهد الصلاة ثم يتشهد بعده ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسلم السلامين ويكفيه مرة وإن تكرر السهو على الإمام إذا سها في صلاته وعلى المقتدي بالتبعية وإن لم يسه لا على المقتدي إذا سها وحده خلف الإمام وهل تبقى صلاة المقتدي ناقصة يجب عليه تكميلها بالإعادة حيث امتنع عليه سجود السهو لئلا يخالف إمامه أو ينقلب الأصل تبعا لم أجد من صرح بذلك وينبغي وجوب الإعادة للنقصان لإطلاقهم ذلك بترك الواجب فتأمل وعلى المنفرد سواء كان السهو في الفرض أو النفل أو الأداء أو القضاء بترك واجب من واجبات الصلاة المذكورة سهوا لا عمدا إذ في العمد يأثم ولا تبطل صلاته بل تنقص ويجب عليه إعادتها في الوقت فإن خرج الوقت يستحب الإعادة ولا تجب كما ذكره في البحر في الواجبات الثمانية الأول من القسم الأخير الذي هو الخاص وهي تعيين الأوليين للقراءة وتعيين الفاتحة لهما واقتصارها على مرة وضم سورة أو ثلاث آيات قصار أو آية طويلة معها وتقديم الفاتحة عليها والقنوت في الوتر والجهر والمخافتة في موضعها وكذلك في جميع الصور من الواجبات السبعة المذكورة من القسم الأول الذي هو العام وهي لفظ التكبير للتحريمة والقعدة الأولى والتشهدان والطمأنينة والإتيان بكل فرض وكل واجب في موضعه والخروج بلفظ السلام إلا الطمأنينة في الركوع والسجود فإنها واجبة للغير أي الركوع والسجود حتى يكملا بها لا واجبة بنفسها فهي أدنى الواجبات بسبب ذلك فلا يسجد للسهو بتركها سهوا وفيه نظر إذ غالب الواجبات واجب لغيره ويجب بتركه سجود السهو اتفاقا كالفاتحة والسورة واجبتان تكميلا للقراءة المفروضة التي هي آية وكذلك الجهر والمخافتة في موضعها واجبان للقراءة أيضا وفي الكافي الطمأنينة لما كانت واجبة عند الكرخي يجب بتركها سهوا سجود السهو وعند غيره لما كانت سنة لا يجب السجود بتركها سهوا .
مخ ۲۰