جوهر انسانيت
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
ژانرونه
26
فعلت ماري أنطوانيت الأمر ذاته بعد نصف قرن، رغم أن ولي العهد توفي على أي حال في سن السابعة والنصف.
27
يعتبر حساب الوقت بدقة عنصرا مهما في أي ثقافة متطورة. فاخترع الصينيون ساعة ميكانيكية تعمل بالمياه في القرن الثاني الميلادي، وسبقت الساعة المعقدة التي صنعت من أجل الإمبراطور سو سونج في عام 1088 أدوات مشابهة في أوروبا بنحو 300 سنة. وكان يستخدمها في الغالب في عمل التنبؤات الفلكية بدقة أكبر من التي كانت متاحة من قبل؛ فتقليديا كان التنبؤ بالأحداث المستقبلية أحد الأدوار التي يؤديها إمبراطور الصين. وربما بسبب هذا الاستخدام المحدود، اختفت الساعات الميكانيكية على ما يبدو في هذا الوقت؛ ولم تعد مرة أخرى حتى القرن السادس عشر، مع وصول المبشرين المسيحيين.
صنع الورق أيضا في القرن الثاني، جزئيا من أجل نشر تعاليم كونفوشيوس بكفاءة أكبر، وجزئيا من أجل استخدامه في الاختبارات القاسية التي يخوضها الدارس من أجل الالتحاق بالخدمة المدنية الصينية. وكما رأينا في الفصل السابق، كانت النصوص تنقش على العظام وأصداف السلاحف، ثم على البرونز والخشب، قبل ألف سنة في عهد أسرة شانج؛ أما في مصر فإن الأحداث التاريخية التي كانت تنقش سابقا على الواجهات الحجرية للأهرامات باتت تسجل في هذا الوقت على أوراق البردي.
28
ظهر أحد الأشكال البدائية للمكتبات داخل معبد في مدينة شيان؛ فقد كانت نصوص كونفوشيوس المحفورة على الألواح الحجرية متاحة لمطالعة الدارسين، وكانت توجد إمكانية نقل المطبوعات التي يريدون نسخها على الورق، باستخدام طرق تشبه أسلوب «حك النحاس» أو الطباعة الحجرية. وفي القرن الثامن عدلت هذه التقنية من أجل إنتاج أول مادة مطبوعة في العالم، وبحلول القرن الثاني عشر كانت الكتب متداولة. ولم تدخل الطباعة إلى أوروبا حتى القرن الخامس عشر، عندما اخترع يوهان جوتنبرج في ألمانيا تقنية الطباعة المتحركة وآلة الطباعة، وكان أول كتاب يطبع بها هو الإنجيل في عام 1455 تقريبا. ففي الصين كان نشر معرفة كونفوشيوس وحكمته القوة الدافعة وراء اختراع الطباعة، وفي أوروبا كان الدين.
29
يعتبر الملح عنصرا مهما في أي اقتصاد مزدهر، فمن دونه لا يمكن حفظ الطعام في شهور الشتاء، عندما تكون المصادر الطازجة غير متوافرة. في القرن الثالث عشر كان الملح يستخرج من عمق ألفي قدم في أجزاء من الصين. تمثلت العملية في الأساس في رفع مثقاب حديدي نحو 200 قدم فوق سطح الأرض باستخدام رافعة ثم إسقاطه بشدة من أجل صنع بئر على عمق كبير، يضخ منه الماء المالح عبر أنابيب من البامبو إلى راقود. بعد ذلك يختلط غاز الميثان الموجود تحت سطح الأرض بالهواء، ويشتعل من أجل تسخين الماء المالح وتبخير محتواه من الماء. وفي غضون 300 سنة أصبحت هذه التقنيات تستخدم في الحفر من أجل استخراج النفط في الصين.
في عهد أسرة مينج في القرن الرابع عشر، استخدمت دواليب الغزل التي تعمل بالماء، وكانت قوالب الطوب تتصلب عند درجة حرارة 1100 درجة مئوية بأساليب تشبه المستخدمة في جميع أنحاء العالم في العصر الحالي. إذا كانت كثير من الاختراعات الأوروبية قد اعتمدت على الاختراعات الصينية، فكيف تسربت هذه التكنولوجيا غربا؟ كانت السفن الشراعية الضخمة الرومانية تحضر معها بالفعل الحرير الصيني وهي عائدة في مقابل منتجات مصنوعة من الحديد والزجاج. ومنذ عصر أسرة تانج (618-907) كانت ثمة حركة تجارية بين المجتمعات الإسلامية في المدن الصينية الجنوبية، مثل جوانزو، مع إخوانهم العرب في الشرق الأدنى. وخلال القرن الثالث عشر قضى التاجر والمغامر ماركو بولو عامين في السفر في جميع أنحاء الصين في أثناء خدمته للإمبراطور قوبلاي خان. وعند عودته إلى أوروبا وصف، إلى جمهور متشكك دون جدال،
ناپیژندل شوی مخ