جوهر انسانيت
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
ژانرونه
خاتمة
دعني أتوقف قليلا قبل الانتقال إلى الفصل التالي. فإن الإنجازات التي تحدثت عنها على مدار الفصول الثلاثة السابقة تظهر وحدة مذهلة وفي الوقت نفسه تنوعا كبيرا. فقد بنى السومريون معابد للعبادة وكذلك المايا، لكن الأبنية لم تكن واحدة؛ كما بنى المينويون قصورا لحكامهم تماما كما فعل المصريون، لكن كان للزخارف تصميم مختلف، وكانت معظم الأشكال البدائية للكتابة ذات حروف هيروغليفية، لكن الحروف الهيروغليفية المصرية لم تكن تشبه الرموز التصويرية الصينية، كما اختلفت الكتابة المسمارية السومرية عن الحروف «الخطية» للمينويين (انظر شكل
8-1 ). كما اعتمد علم الرياضيات الذي اخترعه السومريون على الرقم 60 (الذي اشتققنا منه الساعة المكونة من 60 دقيقة والدقيقة المكونة من 60 ثانية)، واعتمد العلم الذي اخترعه المايا على الرقم 20، بينما اعتمد علم الرياضيات في معظم الثقافات الأخرى على الرقم 10، رغم استخدام بعض من أقدم القبائل في أستراليا وبابوا غينيا الجديدة وأفريقيا وأمريكا الجنوبية نظاما قائما على الرقم اثنين حتى يومنا هذا. نحت الفنانون على الحجارة في كل مكان، لكن الأشكال التي صوروها كانت مختلفة؛ كما أن كافة الحضارات تعرفت على فن المشغولات المعدنية، لكن أشكال الأشياء التي صنعوها اختلفت من ثقافة لأخرى.
55
كذلك اعتز المصريون بالذهب والفضة، بينما اعتز الصينيون بالبرونز واليشم. يجب ألا تثير فكرة الوحدة والتنوع في الإنجازات البشرية دهشة أي شخص؛ فهي نتيجة لوحدة الصفات البشرية - من مهارة يدوية وكلام وتفكير - مصحوبة بالقدرة المتفاوتة للناس في استخدامها. لكن لماذا أنتجت سبع حضارات منفصلة نتائج متشابهة؟
ثمة من يعتقدون في وجود حضارة قديمة سبقت كل الحضارات الأخرى وكانت مصدر وحي لها جميعا؛ قارة أطلنتس المفقودة، فكان بها أهرامات وقصور ومدن وموانئ، وعاش بها شعب يتمتع بذكاء استثنائي ونزعة سلمية. اعتقد أفلاطون أن هذه الأرض توجد في المحيط الأطلنطي، وحدد آخرون مكانها في أمريكا الجنوبية - ربما كانت القارة كلها أطلنتس - وفي المنطقة القطبية الجنوبية وفي اسكندنافيا. ويعتقد البعض بأنها كانت تقع في بحر إيجة، ودمرت منذ 3500 عام فقط بفعل انفجار بركاني عملاق، يساوي في قوته انفجار 100 قنبلة هيدروجينية، على جزيرة سانتوريني (ثيرا).
56
لا يشك أحد في أن الحضارة المينوية، التي امتدت على الأرجح إلى سانتوريني، أثرت فيما بعد في الثقافة الميسينية على البر الرئيسي لليونان. إلا أن فكرة وجود حضارة في مكان آخر، في فترة زمنية أقدم بكثير، ازدهرت وكانت ثمة صلات بينها وبين الثقافات البدائية في كل من العالم القديم والحديث، لا تزيد عن كونها مجرد خيال ؛ فببساطة لا يوجد دليل على هذا. على الأرجح كان أفلاطون متأثرا بما حدث لمدينة تدعى هيلايك، تقع غرب أثينا في خليج كورنث. اختفت هذه المدينة دون أن تترك أي أثر عندما ضربها زلزال في عام 373 قبل الميلاد. فربما صنعت موجة مدية تلت وقوع الزلزال بحيرة داخلية - تبخرت فيما بعد - غمرت كل الأجزاء المتبقية منها؛ ولم تكتشف العملات والمصنوعات الخزفية وأجزاء من الجدران والمباني إلا في عصرنا الحالي.
57
وبشأن أوجه التشابه بين نتاج حضارات العالم القديم والجديد أقترح تفسيرا أبسط؛ فلا توجد إلا طرق محدودة لبناء قارب يطفو أو مبنى مقاوم للعوامل البيئية، وكذلك لصنع إبريق يحتفظ بالماء أو وعاء لحمل الأرز، كما لا توجد إلا حيوانات معينة فقط يمكن استئناسها،
ناپیژندل شوی مخ