جواهر
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
ژانرونه
وقوله سبحانه واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا قال ابن عباس هو رجل من الكنعانيين الجبارين اسمه بلعم بن باعوراء وقيل بلعام بن باعر وقيل غيره هذا وكان في جملة الجبارين الذين غزاهم موسى عليه السلام فلما قرب منهم موسى لجؤا إلى بلعام وكان صالحا مستجاب الدعوة وقيل كان عنده علم من صحف إبراهيم ونحوها وقيل كان يعلم أسم الله الأعظم قاله ابن عباس أيضا وهذا الخلاف هو في المراد بقوله آتيناه آياتنا فقال له قومه أدع الله على موسى وعسكره فقال لهم وكيف ادعوا على نبي مرسل فما زالوا به حتى فتنوه فخرج حتى أشرف على جبل يرى منه عسكر موسى وكان قد قال لقومه لا أفعل حتى استامر ربي ففعل فنهي عن ذلك فقال لهم قد نهيت فما زالوا به حتى قال سأستامره ثانية ففعل فسكت عنه فاخبرهم فقالوا له ان الله لم يدع نهيك إلا وقد أراد ذلك فخرج فلما أشرف على العسكر جعل يدعو على موسى فتحول لسانه بالدعاء لموسى والدعاء على قومه فقالوا له ما تقول فقال إني لا أملك هذا وعلم أنه قد أخطأ فروي أنه قد خرج لسانه على صدره فقال لقومه إني قد هلكت ولكن لم يبق لكم إلا الحيلة فأخرجوا النساء إلى عسكر موسى على جهة التجر وغيره ومروهن إلا تمتنع امرأة من رجل فأنهم إذا زنوا هلكوا ففعلوا فخرج النساء فزنى بهن رجال من بني إسرائيل وجاء فنحاص بن العيزار بن هارون فانتظم برمحه امرأة ورجلا من بني إسرائيل ورفعهما على أعلى الرمح فوقع في بني إسرائيل الطاعون فمات منهم في ساعة واحدة سبعون ألفا ثم ذكر المعتمر عن أبيه أن موسى عليه السلام قتل بعد ذلك الرجل المنسلخ من آيات الله قال المهدوي روي أنه دعا على موسى أن لا يدخل مدينة الجبارين فأجيب ودعا عليه موسى أن ينسى اسم الله الأعظم فأجيب وفي هذه القصة روايات كثيرة تحتاج إلى صحة إسناد وانسلخ عبارة عن البراءة منها والإنفصال والبعد كالمنسلخ من الثياب والجلد واتبعه الشيطان أي صيره تابعا كذا قال الطبري إما لضلالة رسمها له وإما لنفسه ومن الغاوين أي من الضالين ولو شيئنا لرفعناه بها قال ابن عباس وجماعة معنى لرفعناه لشرفنا ذكره ورفعنا منزلته لدينا بهذه الآيات التي آتيناه ولكنه اخلذ إلى الأرض أي تقاعس إلى الحضيض الأسفل الأخس من شهوات الدنيا ولذاتها وذلك أن الأرض وما أرتكن فيها هي الدنيا وكل ما عليها فإن ومن أخلد إلى الفاني فقد حرم حظ الآخرة الباقية ت قال الهروي قوله أخلد إلى الأرض معناه سكن إلى لذاتها واتبع هواه يقال أخلد إلى كذا أي ركن إليه واطمأن به انتهى قال عبد الحق الأشبيلي رحمه الله في العاقبة وأعلم رحمك الله أن لسوء الخاتمة أعاذنا الله منها أسبابا ولها طرق وأبواب أعظمها الاكباب على الدنيا والإعراض عن الآخرة وقد سمعت بقصة بلعام بن الإكباب على الدنيا والإعراض عن الآخرة وقد سمعت بقصة بلعام بن باعوراء وماكان أتاه الله تعالى من آياته واطلعه عليه من بيناته وما أراه من عجائب ملكوته أخلد إلى الأرض واتبع هواه فسلبه الله سبحانه جميع ما كان أعطاه وتركه مع من استماله وأغواه انتهى
وقوله فمثله كمثل الكلب شبه به في أنه كان ضالا قبل أن يؤتى الآيات ثم اوتيها فكان أيضا ضالا لم تنفعه فهو كالكلب في انه لا يفارق اللهت في كل حال هذا قول الجمهور وقال السدي وغيره أن هذا الرجل عوقب في الدنيا فإنه كان يلهث كما يلهت الكلب فشبه به صورة وهيئة وذكر الطبري عن ابن عباس أن معنى أن تحمل عليه ان تطرده
وقوله وقوله ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا أي هذا المثل يا محمد مثل هؤلاء الذين كانوا ضالين قبل أن تأتيهم بالهدى والرسالة ثم جئتهم بها فبقوا على ضلالتهم ولم ينتفعوا بذلك فمثلهم كمثل
الكلب وقوله فاقصص القصص أي أسرد عليهم ما يعلمون أنه من الغيوب التي لا يعلمها إلا أهل الكتب الماضية ولست منهم لعلهم يتفكرون في ذلك فيؤمنوا
وقوله سبحانه من يهد الله فهو المهتدى ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون القول فيه أن ذلك كله من عند الله الهداية منه وبخلقه واختراعه وكذلك الإضلال وفي الآية تعجيب من حال المذكورين
مخ ۶۷