جواهر
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
ژانرونه
وقوله سبحانه الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الآية هذه ألفاظ أخرجت اليهود والنصارى من الاشتراك الذي يظهر في قوله فسأكتبها للذين يتقون وخلصت هذه العدة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس وغيره قلت وهذه الآية الكريمة معلمة بشرف هذه الأمة على العموم في كل من آمن بالله تعالى وأقر برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ثم هم يتفاوتون بعد في الشرف بحسب تفاوتهم في حقيقة الاتباعية للنبي صلى الله عليه وسلم قال الغزالي رحمة الله في الأحياء وإنما أمته صلى الله عليه وسلم من اتبعه وما أتبعه إلا من أعرض عن الدنيا وأقبل على الآخرة فإنه عليه السلام ما دعا إلا إلى الله واليوم الآخر وما صرف إلا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما تعرض عن الدنيا وتقبل على الآخرة تسلك سبيله الذي سلكه صلى الله عليه وسلم وبقدر ما سلكت سبيله فقد اتبعته وبقدر ما اتبعته صرت من أمته وبقدر ما أقبلت على الدنيا عدلت عن سبيله ورغبت عن متابعته والتحقت بالذين قال الله تعالى فيهم فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى انتهى فإن أردت إتباع النبي صلى الله عليه وسلم على الحقيقة واقتفاء أثره فأبحث عن سيرته وخلقه في كتب الحديث والتفسير قال ابن القطان في تصنيفه الذي صنفه في الآيات والمعجزات والقول الوجيز في زهده وعبادته وتواضعه وسائر حلاه ومعاليه صلى الله عليه وسلم أنه ملك من أقصى اليمن إلى صحراء عمان إلى أقصى الحجاز ثم توفي عليه السلام وعليه دين ودرعه مرهونة في طعام لأهله ولم يترك دينارا ولا درهما ولا شيد قصرا ولا غرس نخلا ولا شقق نهرا وكان يأكل على الأرض ويجلس على الأرض ويلبس العباءة ويجالس المساكين ويمشي في الأسواق ويتوسد يده ويلعق أصابعه ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويصلح خصه ويمهن لأهله ولا يأكل متكئا ويقول أنا عبد آكل كما يأكل العبد ويقتص من نفسه ولا يرى ضاحكا ملء فيه ولو دعي إلى ذراع لأجاب ولو اهدي إليه كراع لقبل لا يأكل وحده ولا يضرب عبده ولا يمنع رفده ولا ضرب قط بيده إلا في سبيل الله وقام لله حتى ورمت قدماه فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أفلا أكون عبدا شكورا وكان يسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء إذا قال بالليل صلى الله عليه وسلم على آله وأتباعه صلاة دائمة إلى يوم القيامة انتهى وقال الفخر قوله تعالى الذين يتبعون الرسول الآية قال بعضهم الإشارة بذلك إلى من تقدم ذكره من بني إسرائيل والمعنى يتبعونه باعتقاد نبوته من حيث وجدوا صفته في التوراة وسيجدونه مكتوبا في الإنجيل وقال بعضهم بل المراد من لحق من بني إسرائيل أيام النبي صلى الله عليه وسلم فبين تعالى أن هؤلاء اللاحقين لا تكتب لهم رحمة الآخرة إلا إذا أتبعوا النبي الأمي قال الفخر وهذا القول أقرب وقوله يجدونه أي يجدون صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ففي البخاري غيره عن عبد الله بن عمرو أن في التوراة من صفة النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزئى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فنقيم به قلوبا غلفا وآذانا صما واعينا عميا وفي البخاري فيفتح به عيونا عمياء وآذانا صما وقلوبا غلفا ونص كعب الأحبار نحو هذه الألفاظ إلا أنه قال قلوبا غلوفا وآذانا صموما
مخ ۵۹