سبحانه ومن يكفر بالإيمان أي بالأمور التي يجب الإيمان بها وباقي الآية بين وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية قال ابن العربي في أحكامه لا خلاف بين العلماء أن هذه الآية مدنية كما أنه لا خلاف أن الوضوء كان معقولا قبل نزولها غير متلو ولذلك قال علماؤنا أن الوضوء كان بمكة سنة ومعناه كان مفعولا بالسنة وقوله إذا قمتم معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة انتهى قال زيد بن أسلم والسدي معنى الآية إذا قمتم من المضاجع يعني النوم والقصد بهذا التأويل أن يعم الأحداث بالذكر وفي الآية على هذا التأويل تقديم وتأخير تقديره يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة من النوم أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء يعنى الملامسة الصغرى فاغسلوا وهنا تمت أحكام الحدث الأصغر ثم قال وإن كنتم جنبا فاطهروا فهذا حكم نوع أخر ثم قال للنوعين جميعا وإن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا وقال بهذا التأويل محمد بن مسلمة من أصحاب مالك وغيره وقال جمهور أهل العلم معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة محدثين وليس في الآية على هذا تقديم ولا تأخير بل ترتب في الآية حكم واجد الماء إلى قوله فاطهروا ودخلت الملامسة الصغرى في قولنا محدثين ثم ذكر بعد ذلك بقوله وإن كنتم مرضى إلى أخر الآية حكم عادم الماء من النوعين جميعا وكانت الملامسة هي الجماع وقال ص إذا قمتم أي إذا اردتم وعبر بالقيام عن إرادته لأنه مسبب عنها انتهى ومن احسن الأحاديث واصحها في فضل الطهارة والصلاة ما رواه مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلا أخبركم بما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط قال أبو عمر في التمهيد هذا الحديث من أحسن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال قال صاحب كتاب العين الرباط ملازمة الثغور قال والرباط مواظبة الصلاة أيضا انتهى والغسل في اللغة إيجاد الماء في المغسول مع امرار شيء عليه كاليد والوجه ما واجه الناظر وقابله والناس كلهم على أن داخل العينين لا يلزم غسله إلا ما روي عن ابن عمر أنه كان ينضح الماء في عينيه واليد لغة تقع على العضو من المنكب إلى أطراف الأصابع وحد الله سبحانه موضع الغسل منه بقوله إلى المرافق واختلف العلماء هل تدخل المرافق في الغسل أم لا وتحرير العبارة في هذا المعنى أن يقال إذا كان ما بعد إلى ليس مما قبلها فالحد أول المذكور بعدها وإذا كان ما بعدها من جملة ما قبلها فالاحتياط يعطي أن الحد أخر المذكور بعدها ولذلك يترجح دخول المرفقين في الغسل والروايتان عن مالك قال ابن العربي في أحكامه وقد روى الدار قطني وغيره عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توضأ أدار الماء على مرفقيه انتهى واختلف في رد اليدين في مسح الرأس هل هو فرض أو سنة بعد الإجماع على أن المسحة الأولى فرض فالجمهور على أنه سنة وقيل هو فرض والإجماع على استحسان مسح الرأس باليدين جميعا وعلى الأجزاء بواحدة واختلف فيمن مسح بإصبع واحد والمشهور الأجزاء ويترجح عدم الأجزاء لأنه خروج عن سنة المسح وكأنه لعب إلا أن يكون ذلك عن ضرر مرض ونحوه فينبغي أن لا يختلف في الأجزاء والباء في قوله تعالى برءوسكم مؤكدة زائدة عند من يرى عموم الرأس والمعنى عنده وامسحوا رءوسكم وهي للإلصاق المحض عند من يرى أجزاء بعض الرأس كان المعنى أوجدوا مسحا برؤوسكم فمن مسح ولو شعرة فقد فعل ذلك ت قال ابن العربي في أحكامه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة مسح الرأس أنه أقبل بيده وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وفي البخاري فأدبر بهما وأقبل وهما صحيحان متوافقان وهي مسألة من أصول الفقه في تسمية الفعل بابتدائه أو بغايته انتهى وقرا حمزة وغيره وأرجلكم بالخفض وقرأ نافع وغيره بالنصب والعامل اغسلوا ومن قرأ بالخفض جعل العامل أقرب العاملين وجمهور الأمة من الصحابة والتابعين على أن الفرض في الرجلين الغسل وأن المسح لا يجزىء وفي الصحيح ويل للأعقاب من النار إذ رأى صلى الله عليه وسلم أعقابهم تلوح قال ابن العربي في القبس ومن قرأ وأرجلكم بالخفض فإنه أراد المسح على الخفين وهو أحد التأويلات في الآية انتهى وهذا هو الذي صححه في أحكامه والكلام في قوله إلى الكعبين كما تقدم في قوله إلى المرافق وفي صحيح مسلم وغيره عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلا عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة فقلت ما أجود هذه فقال عمر التي قبلها أجود قال ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وأخرجه الترمذي من حديث أبي ادريس الخولاني عن عمر زاد في آخره اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين انتهى مختصرا واختلف اللغويون في الكعبين والجمهور على أنهما العظمان الناتئان في جنبتي الرجل وألفاظ الآية تقتضي الموالاة بين الأعضاء قال مالك هو فرض مع الذكر ساقط مع النسيان وروى الدارقطني في سننه من توضأ فذكر اسم الله على وضوءه كان طهورا لجسده ومن توضأ ولم يذكر اسم الله على وضوءه كان طهورا لأعضائه انتهى من الكوكب الدري وكذلك تتضمن ألفاظ الآية الترتيب واطهروا أمر لواجد الماء عند الجمهور وقال عمر بن الخطاب وغيره لا يتيمم الجنب البتة بل يدع الصلاة حتى يجد الماء وقوله سبحانه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج الآية الإرادة صفة ذات وجاء الفعل مستقبلا مراعاة للحوادث التي تظهر عن الإرادة والحرج الضيق والحرجة الشجر الملتف المتضايق ويجرى مع معنى هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم دين الله يسر وقوله عليه السلام بعثت بالحنيفية السمحة وجاء لفظ الآية على العموم والشيء المذكور بقرب هوأمر التيمم والرخصة فيه وزوال الحرج في تحمل الماء ابدا ولذلك قال أسيد ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر وقوله سبحانه ولكن يريد ليظهركم الآية إعلام بما لا يوازي بشكر من عظيم تفضله تبارك وتعالى ولعلكم ترج في حق البشر وفي الحديث الصحيح عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملئان أو تملأ ما بين السماوات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها رواه مسلم والترمذي وفي رواية له التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملأه والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض والصوم نصف الصبر وزاد في رواية أخرى ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تخلص إليه انتهى وقوله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الآية خطاب للمؤمنين ونعمة الله اسم جنس يجمع الإسلام وحسن الحال وحسن المئال والميثاق هو ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة
مخ ۴۴۹