عز وجل حتى يستحكم أمر الإسلام وقوله تعالى ويقولون طاعة الآية نزلت في المنافقين باتفاق المفسرين المعنى يقولون لك يا محمد أمرنا طاعة فإذا خرجوا من عندك اجتمعوا ليلا وقالوا غير ما أظهروا لك وبيت معناه فعل ليلا وهو مأخوذ من بات أو من البيت لأنه ملتزم بالليل وقوله تقول يحتمل أن يكون معناه تقول أنت ويحتمل تقول هي لك والأمر بالإعراض إنما هو عند معاقبتهم ومجازاتهم وأما استمرار عظتهم ودعوتهم فلازم ثم أمر سبحانه بالتوكل عليه والتمسك بعروته الوثقى ثقة بإنجاز وعده في النصر والوكيل القائم بالأمور المصلح لما يخاف من فسادها وقوله تعالى أفلا يتدبرون القرآن الآية المعنى أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون كلام الله تعالى فتظهر لهم براهينه وتلوح لهم أدلته قلت اعلم رحمك الله تعالى أن تدبر القرآن كفيل لصاحبه بكل خير وأما الهدرمة والعجلة فتأثيرها في القلب ضعيف قال النووي رحمه الله وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرها عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفقه من قرأ القرآن في اقل من ثلاث انتهى قال ع والتدبر هو النظر في أعقاب الأمور وتأويلات الأشياء هذا كله يقتضيه قوله سبحانه أفلا يتدبرون القرآن وهذا أمر بالنظر والاستدلال ثم عرف تعالى بموقع الحجة أي لو كان من كلام البشر لدخله ما في البشر من القصور وظهر فيه التناقض والتنافي الذي لا يمكن جمعه إذ ذلك موجود في كلام البشر والقرآن منزه عنه إذ هو كلام المحيط بكل شيء سبحانه قال ع فإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافا في شيء من كتاب الله فالواجب أن يتهم نظره ويسأل من هو أعلم منه وقوله تعالى وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف الآية قال جمهور المفسرين أن الآية في المنافقين حسبما تقدم والمعنى أن المنافقين كانوا يتشوفون إلى سماع ما يسيء النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طرأت لهم شبهة أمن للمسلمين أو فتح عليهم حقروها وصغروا شأنها وأذاعوا ذلك التحقير والتصغير وإذا طرأت لهم شبهة خوف للمسلمين أو مصيبة عظموها وأذاعوا ذلك وأذاعوا به معناه أفشوه وهو فعل يتعدى بحرف الجر وبنفسه أحيانا وقالت فرقة الاية نزلت في المنافقين وفيمن ضعف جلده وقلت تجربته من المؤمنين وفي الصحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جاء وقوم في المسجد يقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ثم قال فقلت يا رسول الله أطلقت نساءك فقال لا قال عمر فقمت على باب المسجد فقلت ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلق نساءه فأنزل الله تعالى هذه الآية وإذ جاءهم أمر من الأمن أو الخوف الآية قال وأنا الذي استنبطته وقوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول الآية المعنى لو أمسكوا عن الخوض واستقصوا الأمر من قبل الرسول وأولي الأمر وهم الأمراء والعلماء لعلمه طلابه من أولي الأمر والبحثة عنه وهم مستنبطوه كما يستنبط الماء وهو استخراجه من الأرض وقوله سبحانه ولولا فضل الله عليكم ورحمته الآية خطاب لجميع المؤمنين باتفاق من المتأولين وقوله إلا قليلا هو مستنثى في قول جماعة من قوله لا تبعتم الشيطان إلا قليلا وقال ابن عباس وابن زيد ذلك مستثنى من قوله اذاعوا به إلا قليلا ورجحه الطبري وقال قتادة هو مستثنى من قوله يستنبطونه إلا قليلا ت قال الداودي قال أبو عبيدة وإنما كره العلماء أن يجعلوا الاستثناء من قوله لاتبعتم الشيطان إلا قليلا لأنه لا وجه له فإنه لولا فضل الله ورحمته لاتبعوا الشيطان كلهم انتهى وهو حسن وأما قوله لا وجه له ففيه نظر فقد وجهه العلماء بما لا نطيل بذكره وقوله تعالى فقاتل
مخ ۳۹۵