وأذن له في الإقراء والإفادة والتَّصنيف، وصلَّى به إمامًا التَّروايح في بعض ليالي رمضان. وتدرَّب به في طريق القوم، ومعرفة العالي والنازل والكَشْف عن التراجم والمُتُون وسائر الاصطلاح وغير ذلك.
وكذا تدرَّب في الطَّلبة بمستمليه مفيد القاهرة الزين رِضوان العُقْبِيّ، وأكثر من ملازمته قراءة وسماعًا، وبصاحبه النَّجم عمر بن فهد الهاشمي، وانتفع بإرشاد كلٍّ منهم وأجزائه وإفادته، بل كتب شيخُه من أجله إلى دمياط لمن عنده "المعجم الصغير" للطبراني بإرساله إليه، حتى قرأه عليه، لكون نسخته قد انمحى الكثيرُ منها، وما علم أنَّه في أوقات سعيد السُّعداء إلَّا بعدُ.
ولم ينفكَّ عن ملازمته ولا عدل عنه بملازمة غيره من علماء الفنون خوفًا على فقده، ولا ارتحل إلى الأماكن النائية، بل ولا حجَّ إلَّا بعد وفاته، لكنَّه حمل عن شيوخ مصر والواردين إليها كثيرًا من دواوين الحديث وأجزائه، بقراءته وقراءة غيره في الأوقات التي لا تعارض أوقاته عليه غالبًا، ولا سيما حين اشتغاله بالقضاء وتوابعه، حتَّى صار أكثرَ أهل العصر مسموعًا، وأكثرَهم رواية، ومن محاسن من أخذ عنه من عنده: الصَّلاح بن أبي عُمَرَ، وابن أمية، وابن النَّجم، وابن الهبل، والشمس بن المحب، والفخر بن بشارة، وابن الجُوخي، والمنيجي، والزيتاوي، والبياني، والسُّوقي، والطبقة، ثم من عنده القاضي العزّ بن جماعة، والتَّاج السُّبكي، وأخوه البهاء، والجمال الإسنائي، والشهاب الأذرعيّ، والكرْماني، والصَّلاح الصَّفدي، والقيراطي، والحراوي، ثم الحسين التكريتي، والأميوطي، والباجي، وأبو البقاء السُّبكي، والنَّشَاوريّ، وابن الذّهبي، وابن العلائي، والآمدي، والنَّجم بن الكشك، وأبو اليمن بن الكويك، وابن الخشاب، وابن حاتم، والمليجي وابن رزين، والبدر بن الصَّاحب، ثم السّراج الهندي، والبُلْقيني، وابن المُلَقِّن، والغَرَاقي الهيثمي، والإبناسيّ، والبرهان بن فرحون، وهكذا حتى سمع من أصحاب أبي الطَّاهر بن الكويك، والعزّ بن جماعة، وابن خير، ثم من أصحاب الولي العراقي، والفُوّيّ، وابن الجَزَري، ثم من يليهم.
مقدمة / 14