شهر ذي القعدة الحرام في اليوم السابع عشر منه يكون كنيس الحرم النبوي وهو يوم شريف يجتمع الناس فيه في المسجد النبوي ثم يصعد القاضي وشيخ الحرم مع الخدام والفراشين إلى سطح المسجد الشريف فيكنسونه ويرمون من دائرة في صحن المسجد للفقراء والأطفال التمر والفتوت وهم ينادون العادة يا سادة ثم إنهم ينزلون إلى الروضة المطهرة فيرفعون ما فيها من المصاحف والأجزاء التي داخل الحجرة المعطرة خوفا عليها من هجم الحجاج ثم يرفعون البسط إلى الحواصل التي بالمسجد الشريف ثم يذهبون إلى البساتين وما في معناها وهو يوم معدود من الأعياد وعادات للسادات سادات العادات وربما أنكر ذلك بعض الواردين إلى المدينة الشريفة من أصحاب الأغراض بل الأمراض الباطنية بشهادة أفعالهم الدنية وكيف يجوز الطعن على جيران سلطان الأنبياء في سنة مشى عليها الأولون ولم ينكرها عليهم علمائهم وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن ولكنها الأهواء عمت وأعمت.
ولو أنها تمشي الهوينا عذرتها
ولكنها تمشي وتسرع في الوحل
وفي اليوم السابع والعشرين منه يكون قدوم الركب الشامي وهو يوم معدود وموسم مشهود لا يبقى في المدينة كبير ولا صغير ولا جليل ولا حقير حتى تشمله بركته وتعود عليه بخير حركته ثم إن أمين الصرة يأتي إلى المسجد النبوي بالأمانات الرومية فيفرقها على أهاليها ويسلم الوظائف السلطانية إلى حكام المدينة السنية فتفرق على أصحابها وهم على هذه المنن والصلات والخيرات والهبات منهم الضالع ومنه الضليع ومنه الناهض ومنهم المقعد ولا يزال التقدير يضحك من التدبير والله غالب على أمره وهو الواحد في الكل المتصرف بحكمته في مملكته كما يشاء ليس لك من الأمر شيء من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه والله من ورائهم محيط.
نكتة :
قال بعض أهل المدينة :
أيام هذا الموسم ثلاثة ، اليوم الأول يظهر برقيقة من رقائق قوله تعالى ( ليوم تشخص فيه الأبصار ) واليوم الثاني يظهر بسر قوله تعالى ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) واليوم الثالث يظهر بلطيفة من لطائف قوله تعالى ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ).
وأما المجلوب إلى المدينة من فواكه الشام وكسوتها وتفاريقها فيعجز القلم عن
مخ ۲۲۶