تسعده حتى جاءه الروح الأمين برسالة رب العالمين ، فشمر عن ساق الجد والاجتهاد ، وجاهد في الله حق الجهاد حتى تمم مكارم الأخلاق ، وبين أحكام الدين يقينا (وأنزل الله عز وجل عليه الكتاب المستقيم تبيانا وتعليما وقال فيه) (1) ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فأيام هذا الشهر مبتسمة الثغور ، ولياليه مشرقة بالنور والدعاء فيه مسموع والعمل الصالح فيه مقبول مرفوع.
قال ابن حجر : وإنما لم تكن الولادة في يوم جمعة أو في شهر رمضان لئلا يتوهم تشرفه عليه السلام بذلك الزمن الفاضل فجعل في المفضول لتظهر به مزيته على الفاضل ، ونظير ذلك دفنه بالمدينة المنورة دون مكة والقدس وما أحسن ما قال :
حباك الله رب المشرقين
جميع الحسن يا جد الحسين
وفي مثل هذا اليوم كانت وفاته عليه أفضل الصلاة والسلام وقيل في اليوم الثامن والعشرين من صفر. وفي كتاب الليث العابس في صدقات المجالس. توفي عليه الصلاة والسلام ضحى يوم الإثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة عن ثلاث وستين سنة من عمره مبلغا رسالات الله مجاهدا لأعداء الله ، ودفن ليلة الثلاثاء ، وكانت مدة مرضه اثنا عشرة يوما ، وقيل أربعة عشر.
لطيفة :
استخرج بعض أهل الأدب مدة عمره الشريف من لفظ بنيء بالهمزة فإن عدده بحساب الجمل ثلاثة وستون. كما استخرجوا عدة الرسل من اسمه الكريم محمد. وذلك بطريق البسط لأن فيه ثلاث ميمات كل ميم بتسعين جملتها بمائتين وسبعين. وحا بتسعة أو عشرة باعتبار الهمزة ألفا ، ودالا بخمسة وثلاثين ، فالجملة ثلثمائة وأربعة عشر أو خمسة عشر وذلك عدد الرسل على الخلاف فيه. وفي الدرة الثمينة لما اشتد به عليه
مخ ۲۱۹