أما بئرها فقد اشتملت على بناء بديع محكم حتى كأن أحجارها فيها عقد منظم يعجز أبناء الصناعة عن تصور شكلها فضلا عن الاتيان بمثلها يغض لها حسن مائها الغزير العذب بأن تكون من أحلى ما يشتهي القلب ويشهد لها بالشراحة ما اشتملت عليه من الملاحة وما تناهيت في وصفي محاسنها ألا وأكثر مما قلت ما أدع.
ولقد أحسن التحليل من قال :
الماء قد عشق الغصون (5) فلم يزل
أبدا بمثل شخصها في قلبه
وأما بساتينها في حسن تركيبها وترنم عندليبها فهي للأحزان تنفيس وللأشجان مغناطيس ان جرت محالها بالماء أجرت الدمع كالدماء وإن أسمعت غناءها جددت للنفس عنائها فهي منبع الشجو والغرام ومجمع اللهو والمرام.
أبدا هكذا تأن بشجو
وعلى إلفها تدور وتبكي
أو هي كما قال :
وسانية كانت غصونا وريقة
تميس فلما فرقتها يد الدهر
وما أحسن ما قال :
مخ ۱۵۰