أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير
[لقمان: 14] إذ ليس المطلوب من شكر الله، وشكر الوالدين مجرد الاعتراف بالإحسان وإنما المطلوب القيام بحقوق عبادة الله كما أمر، ومعاملة الوالدين بالإحسان وهو واضح في قوله سبحانه:
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.. الخ
[الإسراء: 23] وعرف بعض العلماء الشكر لغة بأنه فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الشاكر سواء كان قولا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان، أم عملا وخدمة بالأركان، واستدل بذلك بقول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة
يدي ولساني والضمير المحجبا
فإن مراده من هذا أن النعماء سخرت لهم يده يخدمهم بها، ولسانه يثني عليهم به، والضمير المحجب يواليهم به، وإذا القينا نظرة على هذا التعريف وجدنا بين الحمد والشكر عموما وجيها، فكل واحد منهما أخص من وجه وأعم من آخر، أما الحمد فهو أخص موردا وأعم متعلقا لأن مورده اللسان وحده ومتعلقه النعمة وغيرها، وأما الشكر فهو بعكس ذلك لأن مورده اللسان والقلب والجوارح ومتعلقه النعمة وحدها، وهذا كما ذكرنا أن الحمد يكون على الفضائل كالشجاعة والكرم وغيرهما، وبعض العلماء جعل تعريف الشكر المذكور نفسه تعريفا للحمد العرفي فيكون بين الحمدين اللغوي والعرفي كالذي بين الحمد والشكر اللغويين من العموم الوجهي، ولست أدري ما هي حجة هؤلاء في جعل الحمد العرفي أعم موردا من الحمد اللغوي بحيث يكون باللسان وغيره، وهؤلاء يرون أن الشكر العرفي هو صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله، وهو سائغ نظرا إلى أن جميع آلاء الله تعالى تستدعي طاعته والقيام بحسن عبادته، ويؤكد ذلك قوله تعالى:
إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا
[الإنسان: 3] وقوله على لسان سليمان عليه السلام:
ليبلوني أأشكر أم أكفر
ناپیژندل شوی مخ