226

جواهر التفسير

جواهر التفسير

ژانرونه

إذا جآءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون

[المنافقون: 1]، فإنه نص على أنهم كانوا يؤكدون له صلى الله عليه وسلم تصديقهم برسالته بأوضح بيان، ولا أدل على ذلك من تصدير كلامهم المحكي بالشهادة التي هي - في حقيقتها - اعتراف باللسان بما اطمأن إليه القلب وصدق به العقل، مع تأكيد ذلك باللام المقوية لما في إن من التوكيد، وذلك يدل على أنهم كانوا يجهدون في إيهام النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنهم مصدقون برسالته عليه أفضل الصلاة والسلام، ومنخرطون في سلك الذين أخلصوا الايمان بها، وحرضوا على الوفاء بحقها، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى في نفس سورة المنافقون { اتخذوا أيمانهم جنة }.

وبهذا تدركون أن الوجه في الاقتصار على ذكر الايمان بالله واليوم الآخر هو ما أسلفناه من قبل.

واليوم الآخر بدايته قيام الساعة، ونهايته استقرار السعداء في الجنة، والأشقياء في النار.

والايمان به يشمل الايمان بالبعث والحساب، والثواب والعقاب، وقيل بدايته قيام الساعة وليست له نهاية، فإن اليوم المحدد هو ما اكتنفه الليل في أوله وآخره، واليوم الآخر لا ليل بعده ولذلك كان آخرا.

ومهما يكن المراد به فإنه لا بد في تحقق الايمان به من الايمان بما أسلفناه.

وهؤلاء المنافقون ليسوا من الايمان في شيء وإنما تستروا بظواهر الايمان حفاظا على سلامة حياتهم، وحرصا على تأمين مصالحهم الدنيوية، فلذلك كشف الله ما ستروا، وأبطل ما ادعوه بقوله { وما هم بمؤمنين } ، وجاء نفي الايمان عنهم بصيغة تختلف عن صيغة ادعائهم له، فهم ادعوه بقولهم { آمنا } وهو جملة فعلية تنبىء عن حدوث الايمان، ورد عليهم بقوله { وما هم بمؤمنين } وهو جملة إسمية دالة على الاستمرار والدوام، وهي أبلغ في الدلالة على نفي ما ادعوه، لأن انتظامهم في سلك المؤمنين من لوازم ثبوت الايمان الحقيقي لهم، وانتفاء اللازم أقوى دليل على انتفاء الملزوم، واستمرار النفي أدل على انتفاء حدوث الواقع المزعوم مطلقا، ويتأكد ذلك النفي بدخول الباء وهذا هو سبب العدول في الرد عما يطابق قولهم، نحو { وما آمنوا } وفي هذا الرد ما يدل على بطلان قول من زعم من المرجئة أن الايمان هو مجرد القول، ولو لم يقترن به اعتقاد فإن المنافقين كانوا يزعمون بملء أفواههم أنهم آمنوا وينطقون بالشهادتين أمام جماهير المؤمنين، ولم يغنهم ذلك شيئا عند الله لخلو بواطنهم من أصل الايمان.

[2.9]

جملة يخادعون مبدلة من جملة يقول آمنا بالله.. الخ، لأنهم ما قصدوا بهذا القول إلا الخداع، ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا أو حالا من فاعل يقول.

ويخادعون من خادع الدال على الاشتراك في الخدع، وهو أن يوهم أحد غيره بقوله أو فعله عكس ما يريده به من المكروه، من خدع الضب إذا أوهم حارشه أنه يريد الخروج من الجهة التي أدخل الحارش فيها يده، ثم يخرج من جهة أخرى لئلا يرقبه الحارش فيصطاده.

ناپیژندل شوی مخ