لجَمِيع مَا طلب بِسَبَبِهِ، أَجَابَهُ بِلَفْظ وجيز مُحِيط بِجَمِيعِ ذَلِك، وإنم دلّ كَلَام الْحَاكِم على بعض مَا طلب بِسَبَبِهِ فَلَا يجِيبه بِجَمِيعِ الْقَضِيَّة إِلَّا بأذن مِنْهُ، لاحْتِمَال أَن يكون أَرَادَ السُّؤَال عَن ذَلِك الْبَعْض خَاصَّة، فَإِذا أذن لَهُ أجابة، وَإِلَّا فَيُجِيبهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنهُ خَاصَّة، وَإِذا كَانَ بِمَجْلِس الْحَاكِم جمَاعَة من الموقعين، وسألهم الْحَاكِم سؤالا، وَلم يعين وَاحِدًا مِنْهُم، فليجبه الْعَالم عَن جَمِيع مَا سَأَلَ عَنهُ، وَإِذا كَانَ فيهم من يعرف بعض الْقَضِيَّة، وَذَلِكَ الْبَعْض لَيْسَ هُوَ المُرَاد.
فَلَا يُجيب بشئ، حَتَّى يسْأَله عَنهُ على الْخُصُوص، وَإِن كَانُوا كلهم يعلمُونَ بِمَا سَأَلَ عَنهُ، يجب يَكْتَفِي بِجَوَاب وَاحِد مِنْهُم، فَلَا يجِيبه إِلَّا أحْسنهم نطقا وأفصحهم لِسَانا، وأوجزهم لفظا، فَإِن وَقع غير ذَلِك، فقد يخْتَلف الْجَواب، ويتوهم الْحَاكِم فيهم رِيبَة بِسَبَب ذَلِك.
وَقد يصدر مِنْهُ فِي حَقهم مَا لَا يرضونه.
وَيَنْبَغِي للشَّاهِد: أَن لَا يُكَرر الشَّهَادَة على الْخصم مرّة بعد أُخْرَى فِي قَضِيَّة وَاحِدَة.
وَلَا ينْفَرد بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ حُضُور رَفِيقه فِي الْمجْلس، بل ينبهه على سَماع مَا يَقع بِهِ الاشهاد.
فَإِن الشَّاهِد إِذا كرر الشَّهَادَة على الْخصم، رُبمَا يتخيل فينكر، أَو يعرض فِي فكره أَمر، فَإِذا أَرَادَ لَا شَاهد الثَّانِي أَن يشْهد عَلَيْهِ: أنكر وَامْتنع من الاشهاد فَيحْتَاج الامر إِلَى تَعب وعلاج، وَرُبمَا أثار ذَلِك عِنْد الشَّاهِد الاول شَحْنَاء أَو غيظا، أَو ضغينة تجره إِلَى هوى النَّفس، فَيَقَع فِي الْمَحْذُور وَالْعِيَاذ بِاللَّه، اللَّهُمَّ إِلَّا إِن يكون فِي الْمَسْأَلَة حزبة فِيهَا حق للْمَشْهُود عَلَيْهِ، أَو مَا علم الحكم فِي الْمَسْأَلَة، وَاحْتَاجَ إِلَى التَّعْرِيف بهَا، ليفهم معنى مَا يشْهد عَلَيْهِ بِهِ، وَإِن كَانَ الشَّاهِد الثَّانِي مَشْغُولًا فِي قَضِيَّة إخرى لم يسمع الاقرار، أَو لم يكن حَاضرا، ثمَّ حضر فَلَا بَأْس بالاعادة هَهُنَا، لِأَنَّهُ مَوضِع ضَرُورَة تُعَاد فِيهِ الشَّهَادَة لتتم.
وَيَنْبَغِي للموثق - خُصُوصا الْموقع - أَن يحسن خطه، وَلَا يقرطم الْحُرُوف، وَلَا
يداخلها فِي بَعْضهَا مداخلة يسْقط بهَا بعض الْحُرُوف، أَو تخل بِالْمَعْنَى، أَو تُؤدِّي إِلَى خلل فِي اللَّفْظ الْمَشْهُود بِهِ، وَلَا يُقيد مَوضِع الاطلاق، كَمَا لَا يُطلق مَوضِع التَّقْيِيد.
فَإِن فِي ذَلِك إخلالا بِالْعُقُودِ، وَسبب لحوصل الضَّرَر من ضيَاع حُقُوق الْمُسلمين وإتلافها أَو بَعْضهَا.
وَقد بَلغنِي من غير وَاحِد عَن بعض حكام الْمُسلمين بالديار المصرية: أَنه كَانَ يُعَزّر من اعْتمد شَيْئا من ذَلِك، حَتَّى كَانَت الشُّهُود فِي أَيَّامه يَكْتُبُونَ الوثائق - على اختلافها وتباين حالاتها - بالحروف الْعَرَبيَّة الْقَاعِدَة المنقوطة المشكولة، الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الايضاح، وَهَذَا مَعْدُود من نصح هَذَا لاحاكم فِيهَا تولاه.
﵀.
1 / 15