الجواب الشافي عن السؤال الخافي (جواب شيخ الإسلام، وعالم العلماء الأعلام، شهاب الدين ابن حجر الشافعي، رضي الله عنه)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
1 - ما يقول سيدنا ومولانا - قاضي القضاة، متع الله المسلمين بطول حياته- في الميت إذا ألحد في قبره وغاب عن البصر، وجاءه منكر ونكير، هل يقعد ويسأل، أم يسأل ووهو راقد؟
2 - وهل تلبس الروح الجثة كما كانت في حال الحياة، أم كيف الحال؟
3 - وبعد السؤال، أين تقيم روحه؟ هل تقيم على القبر أبدا، أم أحيانا تصعد وتأتي؟
مخ ۳۳
4 - وهل الميت إذا أهيل عليه التراب ولقن من فوق القبر، هل يسمع كلام من يلقنه وبينه وبين الملقن مسافة بعيدة؟
5 - وهل الميت يعلم بمن يزوره ويفرح بذلك؟
6 - وإذا جاءه منكر ونكير، ماذا يقولان له؟
7 - وهل يكشف له في الحال حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويقال له: ماذا تقول في هذا الرجل؟
8 - وهل عذاب القبر على الروح أم على الجثة أم عليهما؟
9 - وإذا ثبت إقامة الروح على القبر، أين تكون منه؟ هل تكون في القبر أم على حافته؟
10 - وهل يغرس الريحان أو الجريد على باب متن القبر، أم على قافية اللحد، أم كيف الحال؟
11 - وإذا قرأ رجل غريب [على الميت] وأهدى تلك القراءة للميت، هل يصل [إلى الميت] من تلك القراءة شيء؟
مخ ۳۴
12 - وهل للإنسان تصرف في الأعمال - كما قاله ابن عبد السلام - أم كيف الحال؟
13 - وإذا نقل الميت من مكان إلى مكان، هل تنتقل روحه إلى القبر الثاني أم لا؟
14 - وإذا دفنت الرقبة في مكان والجثة في مكان، أين تكون الروح من المكانين؟
15 - وهل الإنسان إذا احتضر: هل الأفضل كثرة المعالجة أم عدمها؟
16 - وهل تارك الصلاة ومانع الزكاة وتارك صوم رمضان، هل يحبس على جسر من جسور جهنم حتى يؤديها؟
17 - وهل في القيامة عمل [أم يعاقب على ترك الصلاة ومنع الزكاة والصوم] أم كيف الحال؟
18 - وما تقول في رجل مؤدب في فؤاده مرض لا يستطيع أن يقيم بلا حدث أكثر من أداء الفريضة ثم يحدث، ولو توضأ كلما أحدث لاستغرق اليوم كله، [ويشق ذلك عليه]، هل يرخص له أن يمس المصحف لأجل الضرورة أم لا؟
مخ ۳۵
19 - وهل الملكان الكاتبان يجلسان على قبر الميت ويستغفران له، كما رواه الترمذي؟
20 - وهل هما الملكان اللذان ذكرهما الله [تعالى] في كتابه: (سائق وشهيد) أم غيرهما؟
- وهل يكون في يوم الحشر على كل قدم سبعون ألف قدم؟
21 - وهل تدنو الشمس من رؤوس الخلائق كما قيل؟
22 - وهل في القيامة شمس؟
23 - وهل يحشر الناس في العرق كما قيل؟
24 - وهل هذه الأجساد إذا فنيت وبليت وأراد الله إعادتها كما كانت [أولا]، هل يخلق للناس أجسادا أخر غير الأجساد الأول؟
25 - وهل تكون العينان في الرأس أم في الوجه؟
مخ ۳۶
26 - وهل يكون الخلق كلهم طولا واحدا وزيا واحدا أم مختلفين - كما نحن الآن - ألوانا؟ أم كيف الحال؟
27 - وهل يحشر الناس في القيامة بشعور أم بغير شعور؟
28 - وهل يعرف الناس بعضهم بعضا أم لا؟
29 - وهل يميت الله العصاة من هذه الأمة إماتة صغرى أم كيف الحال؟ وما حكم الله في ذلك؟
أفتونا مأجورين، [أثابكم الله الجنة بمنه وكرمه، ورضي عنكم، ورحم سلفكم، آمين].
مخ ۳۷
الجواب
قال الشيخ:
الحمد لله. تصفحت الأسئلة.
والجواب عنها - وبالله التوفيق -:
1 - أما السؤال الأول: - وهو: هل يقعدان الميت أم يسألانه وهو راقد -:
فالجواب: أنهما يسألانه وهو قاعد؛ كما جاء في حديث البراء المشهور الذي صححه أبو عوانة، وأخرجه أحمد بن حنبل في «مسنده»، ففيه التصريح بذلك.
2 - وأما السؤال الثاني - وهو: [هل] تلبس الجثة الروح كما كانت أو لا؟ -:
مخ ۳۸
فالجواب: نعم، لكن ظاهر الحديث أنها تحل في نصفه الأعلى.
3 - وأما السؤال الثالث - وهو: أين تقيم روحه بعد السؤال؟ -:
مخ ۳۹
فالجواب: أن روح المؤمنين في عليين، وروح الكافرين في سجين، ولكل روح اتصال بجسدها، وهو اتصال معنوي لا يشبه الاتصال بحياة الدنيا، بل أشبه شيء به حال النائم [وإن كان هو أشد من حال النائم] انفصالا.
ويشبهه بعضهم بالشمس، أي: بشعاع الشمس. وبهذا نجمع ما افترق من الأخبار: أن محل الأرواح في عليين وفي سجين، ومن كون الأرواح عند أفنية قبورها، كما نقله ابن عبد البر عن الجمهور.
مخ ۴۰
4 - وأما السؤال الرابع - وهو: هل يسمع الميت التلقين؟ -:
فالجواب: نعم يسمع؛ لوجود الاتصال الذي أشرنا إليه أولا. ولا يقاس ذلك على حال الحي إذا كان في بئر مردوم مثلا؛ فإنه لا يسمع كلام من هو على البئر.
مخ ۴۲
5 - وأما السؤال الخامس - وهو: هل يعلم الميت من يزوره؟ -:
مخ ۴۳
فالجواب: نعم، إنه قد يعلم إذا أراد الله ذلك؛ فإن الأرواح مأذون لها في التعرف، وتأتي إلى محلها في عليين أو سجين، كما جاء في الحديث الصحيح: «أن أرواح الشهداء في جوف طير خضر تسرح في الجنة»، وهو في «الصحيح».
وجاء في حديث [مسند] أحمد بن حنبل مثل ذلك في أرواح المؤمنين.
مخ ۴۴
وفي رواية في «الصحيح»: «تأوي إلى قناديل تحت العرش».
فكل ذلك لا يمنع الاتصال الذي تقدم ذكره. ومن يستبعد ذلك ف[يشبه] قياسه على الشاهد من أحوال الدنيا، وأحوال البرزخ بخلاف ذلك.
مخ ۴۵
6 - وأما السؤال السادس - وهو: هل العذاب على الروح أو الجسد؟ -:
فالجواب: أنه عليهما [معا] لكن حقيقة على الروح، ويتألم الجسد مع ذلك، وينعم مع ذلك، لكن لا يظهر أثر ذلك لمن يشاهده من أهل الدنيا، حتى لو نبش عن الميت لوجد كهيئته يوم وضع.
7 - وأما السؤال السابع - وهو: ماذا يقول منكر ونكير؟ -:
فالجواب: أنه مصرح به في حديث البراء الطويل عند أحمد بن حنبل في «مسنده»، وفي حديث أبي هريرة عند ابن حبان في «صحيحه».
مخ ۴۶
8 - وأما السؤال الثامن - وهو: هل يكشف له حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم [إلى آخره]؟ -:
فالجواب: إن هذا لم يرد في حديث صحيح، وإنما ادعاه بعض من لا يحتج به بغير مستند إلا من جهة قوله: «في هذا الرجل»، وأن الإشارة بلفظ: «هذا» تكون للحاضر.
وهذا لا معنى له؛ لأنه حاضر في الذهن.
9 - وأما السؤال التاسع - وهو: أين مقر الأرواح؟ -:
فقد تقدم ذكره.
مخ ۴۷
والحاصل: أن لها بجسدها اتصالا معنويا، بحيث تتألم بتألمه، وتتنعم بتنعمه، كما قررنا أولا.
10 - وأما السؤال العاشر - وهو: موضع غرس الجريد والريحان -:
مخ ۴۸
فالجواب: أنه ورد في الحديث الصحيح مطلقا، فيحصل المقصود بأي موضع غرس في القبر.
11 - وأما السؤال الحادي عشر - وهو: هل يصل ثواب القراءة إلى الميت؟ -:
فهي مسألة مشهورة، وقد كتبت فيه كراسة.
والحاصل منها: أن أكثر المتقدمين من العلماء على عدم الوصول، وأكثر المتأخرين من العلماء على الوصول، وأن المختار الوقف عن الجزم بالمسألة، مع استحباب عمله والإكثار منه.
مخ ۴۹
12 - وأما السؤال الثاني عشر - وهو: هل للإنسان تصرف في الأعمال كما قاله ابن عبد السلام؟ -:
فجوابه: يعرف من التي قبلها.
13 - وأما السؤال الثالث عشر - وهو: نقل الميت -:
فالجواب: نعم قد قدمنا أن الروح وإن لم تكن داخلة في الجسد، لكن لها به اتصال، فإلى أي موضع نقل، الاتصال مستمر.
14 - وأما السؤال الرابع عشر - وهو: إذا فرق الجسد والرقبة -:
فالجواب: أن الروح متصلة بكل منهما، ولو فرق بعدد أعضاء الميت فالجواب كذلك.
مخ ۵۰
15 - وأما السؤال الخامس عشر - وهو: هل يشرع [معالجة] المحتضر؟ -:
فالجواب: أنه إذا انتهى إلى حركة المذبوح فترك العلاج أفضل، وإلا فالعلاج مشروع، وربك على كل شيء قدير.
16 - وأما السؤال السادس عشر - وهو: هل من أخل بشيء من هذه العبادات، هل يقضيها يوم القيامة؟ -:
فالجواب: أنه لا قضاء هناك بالفعل، وإنما قضاؤه أن يؤخذ من نوافل ذلك العمل فيكمل به ما وقع فيه الخلل من فرائضه، فإن لم يكن له نوافل فمن حسناته من جنس آخر، فإن لم يكن له حسنات فيطرح عليه بمقدار ما بقي عليه [من] سيئات، إلا أن يعفو الله ويسمح.
17 - وأما السؤال السابع عشر -:
فجوابه: يعرف من الذي قبله.
18 - وأما السؤال الثامن عشر - وهو: مؤدب الأطفال -:
فالجواب: أنه يسامح مثله في ذلك؛ لما ذكر من المشقة، ولكن يتيمم؛ فإن زمنه أسهل من زمن الوضوء، فإن استمرت المشقة فلا حرج.
مخ ۵۱
19 - وأما السؤال التاسع عشر - وهو: هل الملكان اللذان يكتبان عليه عند القبر هما الكاتبان، كما رواه الترمذي؟ -:
فالجواب: أن الذي يظهر -[إن كان الحديث ثابتا]- أنهما اللذان كانا يكتبان في الدنيا الأعمال، ومنه يخرج الجواب [عن السؤال].
20 - وأما السؤال العشرون - وهو: [هل هما] الملكان اللذان قال الله تعالى فيهما: {سائق وشهيد}؟ -:
فالجواب: أنهما هما الكاتبان، بخلاف من فسره بغيرهما.
مخ ۵۲
وقد اختلف في ذلك على أقوال، ذكرها الطبري وغيره.
21 - وأما السؤال الحادي والعشرون - وهو: هل تدنو الشمس من الرؤوس يوم القيامة؟ -:
فالجواب: نعم، هو حق؛ ورد به الحديث الصحيح، فوجب الإيمان به.
مخ ۵۳