ووجه القدح عليهم بذلك أنه لا يخلو إما أن يكونوا صادقين في روايات هذه الأخبار أو كاذبين، إن كانوا صادقين فقد خرجوا أكثر الصحابة الذين رووا عنهم، كما ثبت في رواية البخاري، أنه لا يخلص منهم -أي من الصحابة- إلا مثل همل النعم، وإن كانوا كاذبين، فقد لزمتهم التهمة، فثبت بحمد الله عدم الوثوق برواياتهم، إلا ما وقع مجمعا عليه، أو موافقا لكتاب الله سبحانه، ولا يقال: إن المراد بتلك الأخبار أهل الردة، كبني حنيفة؛ لأنا نقول: إن في لفظها: ((ممن صحبني ورآني)) وفي لفظها أيضا: ((فأقول: يا رب أصيحابي أصيحابي)) بالتصغير، وذلك يفيد التحبيب، والتقريب، فالمراد به بعض من كان يحبه، ويقربه، وفي لفظها أيضا: ((كان أصحاب العقبة أربعة عشر، وأشهد بالله أن اثني عشر حرب لله ورسوله...))الخبر ، وفيها أن أم سلمة لم تبرئ غير عمر، وفي لفظها [أيضا]: ((فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)) وأهل الردة من بني حنيفة أقل قليل مع أنهم أو أكثرهم لم ير النبي صلى الله عليه وآله البتة، والصحابي عند المحدثين، وبعض الفقهاء من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وآله مؤمنا، وإن لم تطل مجالسته.
مخ ۴۱