وقال ابن سمرة اليمني في (طبقاته): وفي سنة كذا وكذا، جرت في اليمن فتنتان عظيمتان إحداهما: فتنة علي بن الفضل ودعاؤه الناس إلى الكفر، والأخرى: فتنة الشريف يحيى بن الحسين الرسي، ودعاؤه الناس إلى التشيع، فانظر كيف قرن المؤمن الهادي بالكافر المضل!! والدعاء إلى الحق بالدعاء إلى الكفر!! وسماهما فتنتان، وعرجوا في جرح أئمة الهدى، وجرح أشياعهم الأتقياء على ذلك وتعاموا عن قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب:33]، ونحو ذلك من الآيات، وعن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا من بعدي أبدا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي...)) الخبر، وقد تضمن هذا الخبر صحاحهم المتفق على صحتها عندهم في ألف وستمائة وخمسة أحاديث، غير ما روي عنه صلى الله عليه وآله في عترته الطاهرة، وأشياعهم، فيما لم يتفقوا على صحته من كتبهم، وغير ما رواه أهل البيت "، وشيعتهم منها -أي من التي تضمنها صحاحهم المتفق على صحتها عندهم - ستمائة وخمسة وثمانون حديثا، تختص بعلي عليه السلام، وتسعمائة وعشرون حديثا تختص بالعترة "، كل واحد منها يدل على إمامتهم، وفضلهم على سائر الناس، والحق ما شهدت به الأعداء، وتحكموا في تعديل غيرهم بلا دليل، ولا برهان، حتى قال ابن معين، وهو المعتمد على قوله في الجرح والتعديل عندهم في عبد الرزاق: لو ارتد عبدالرزاق ما تركنا حديثه، فكيف يعتمد على من لم يوافق كتاب الله من ذلك! ولا سيما وقد عثر على الكذب فيها، وذلك في الجبر والتشبيه، وغير ذلك مما صادم قضايا العقول المبتوتة، وآيات الكتاب الصريحة، وقد قال الشعبي، وهو من عيون العدول عندهم: ما أحدقوا بأحد -يعني من رجال الحديث- إلا كلفوه أن يكذب.
وقال شعبة إمام المحدثين: تسعة أعشار الحديث كذب.
وقال الدارقطني: ما الحديث الصحيح في الحديث إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود.
وروي أن بعض المحدثين أمر السلطان بقتله فقال: افعلوا ما شئتم، فقد حللت عليكم الحرام، وحرمت عليكم الحلال، ودسست في مذهبكم أربعة آلاف حديث، فقال بعضهم: وهذه مصيبة حدثت بعد الثلاثة القرون، ابتلي بها كثير من الحفاظ، يروون الحديث الموضوع ولا يثبتون وضعه، فيسألهم الله عن ذلك، وأي فائدة لكتب التواريخ؟ إلا كشف الكذاب وهتكه!
مخ ۳۷