ورجل: سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يتعمد كذبا، فهو في يديه يرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم أنه كذلك لرفضه.
ورجل ثالث: سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو يعلم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع: لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفا لله وتعظيما لرسول الله، ولم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه.
وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به، ولا ما عنى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيحمله السامع، ويوجهه على غير معرفة معناه، وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله، ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي، أو الطارئ، فيسأله عليه السلام حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي شيء من ذلك إلا سألت عنه وحفظته) انتهى كلامه عليه السلام.
مخ ۳۳