واستمر جامع بني أمية في يد الشافعية، كما كان في زمن الشافعي ﵁، قال: ولم يكن يلي قضاء الشام والخطابة والإمامة بجامع بني أمية إلا من يكون على مذهب الأوزاعي إلى أن انتشر مذهب الشافعي، فصار لا يلي ذلك إلا الشافعية. (ثم قال السبكي): وقد حكي أن الملك الظاهر رؤي في النوم فقيل: ما فعل الله بك؟ قال: عذبني عذابًا شديدًا بجعل القضاة أربعة، وقال: فرقت كلمة المسلمين. اهـ.
ولا يخفى على ذي بصيرة ما حصل من تفرق الكلمة، وتعدد الأمراء واضطراب الآراء، وقد قال أبو شامة لما حكى ضم القضاة، أنه ما يعتقد أن هذا وقع قط. قال السبكي: وصدق فلم يقع هذا في وقت من الأوقات، قال: وبه حصلت تعصبات المذاهب، والفتن بين الفقهاء، فإنه يؤيد ما قدمناه من اتخاذ هذه آلة للفتن والتشفي من المخالفين، حتى أدال الله من تلك الدولة للسلطان سليم خان، فنسخ كل ذلك، وقصر الأمر على قاضٍ حنفي واحد، ولا ريب أن هذا كان من النعم الكبيرة، إذ قمعت به فتن خطيرة، وحسمت به شرور وفيرة، نعم لم يزل في الأمر حاجة إلى الكمال، وهو سعي أولي الحل والعقد بعقد مؤتمر علمي من كبار فقهاء المذاهب المعروفة، وتأليف مجلة تستمد من فقه سائر الأئمة الأربعة وغيرهم مِمَّا فيه
1 / 49