ثم جائه بعدها بسورة الفاتحة ، ثم انقطع الوحي زمانا ولكن ارفاقا بهو اشفاقا عليه ، فما أحسبك الا خبيرا بأن قوى البشرية والاخلاط العنصرية وكل ما عملته او عملت فيه الطبيعة والمادة يضعف ويكل ويتأثر وينفعل عند هجوم مافوق الطبيعة عليها من مشاهدة تلك الارواح المقدسة ، والانوار القاهرة التي هي من عالم الملكوت وصقع الجبروت ، وهذا أمر ضروري محسوس في كيان الطبيعة وبيئة المادة وخلية العناصر ، فانك لو حبست طفلا في مختبأ من الارض حتى اكتملت فطرته وتم تمييزه وعقله. ثم اخرجته فجأة الى هذا العالم المحسوس فوقع بصره دفعة على شموسه المتألقة ، وأجوائه المتسعه ؛ وأشجاره المتسقة ، وأنهاره المتدفقة الى غير ذلك من غرائب الصنع وعجائب الابداع لما شككت أنه ينشق قلبه وينذهل له ، ويأخذه مثل الادوار والدهشة والانبهار والهزة والرعدة ، وتأتى الصدمة على عقله ، والصككة (1) على جسمه والضغطة على فؤاده وقلبه ، ولاشك أن عالم الغيب من عالم الشهادة على تلك النسبة بل وبأضعافها المتضاعفة فما ظنك بهذا الجسد البشري المؤلف من تلك المواد العنصرية السريع الانحلال والانفعال الضعيف التأليف ؛ وزد عليه الملاك من العوالم الملكوتية ، او تحل لمن له قبس من سذق (2) الهياكل الجبروتية ، كيف لاتتلاشى عناصره وتتفرق أجزائه وتثور الى الاثير دقائقه الا بماسك من يد القدرة التي لاتغلب والقوة التي لاتعجز عن شيء ولاتنكب.
ألا فبعين عناية الله جسد محمد صلى الله عليه وآله « ألا فسلام الله على جسمه المقدس وروحه المجرد » ألا لا جرم لو عرضته عند نزول الوحي عليه تلك الهزة والفزة ولاغر ولو اتقدت الحرارة الغريزة في تامور صدره حتى يتغير لها وجهه ويضطرب
مخ ۱۹