67
بعض أسرار الصوم وامتيازه عن سائر العبادات
تشترك العبادات عموما بأنها أفعال وجودية ، هي بمنزلة الجسد وروحها النية ، فالصلاة ، والطواف ، والسعي ، كغسل والوضوء ، وامثالها اعمال جسدية ، اذا لم يأت بها المكلف بداعي القربة فهي كجسد ميت لا حياة فيه ، وكاشباح بلا ارواح ، ولكن مهما كان فهو جسم عبادة ؛ وصورة طاعة ؛ وكل العبادات في ذلك سواء أعني أنها أجساد ولها ارواح فان مانت تلك الروح فيه فهو حي ، والا فهو ميت الا الصوم فقد كادبل كان روحا مجردة ، وحياة متمحضة لاجسم له ولا مادة ، وهذه ميزة امتاز بها الصوم عن سائر العبادات ، ولم يشاركه فيها سوى الاحرام ؛ فان الصيام والاحرام كل منهما تروك محضة ، وعدميات صرفة ، ليس فيها من الأعمال الجسمانية شيء ، ولكن الاحرام فضحته ثياب الاحرام ولبسها وبقى الصيام محتفظا بروحيته وتجرده من كل عمل ظاهري ، ولم يتجاوز عن كونه نية خالصة ، وعبادة قلبية حفية ، لا يعلم بها الاصاحبها وربه العالم بالسرائر ، ومن هنا اختص الصوم بميزة انفرد بها دون كل عبادة ، وهي عدم امكان دخول الرياء فيه بل يستحيل ذلك إلا بالقول ، فيكون الرياء حين ذاك بالعبارة لا بالعبارة ، وبالكلام لا بالصيام
مخ ۳۰۹