الدين مدرسة لتعليم الكمالات، وغرسها فى النفوس، وأخذ الناس بها حتى تنضج فى أحوالهم وأعمالهم. إنه يعرف الناس بربهم أولا، لكنه لا يصلهم بالله على ما بهم من أثرة وشراهة، وبغى واعتداء، بل يغسل عن قلوبهم هذه الأوضار ويشرع لهم من العقائد والعبادات، والأخلاق والمسالك ما يدربهم على فعل الخير وحب المعروف وتحسين الحسن وتقبيح القبيح. وما نزعم أن كل منتم إلى الدين يحرز ما يراد له من أنصبة الكمال، وإنما نؤكد أن الدين يستهدف الكمال النفسى لأتباعه قاطبة، وأنه كالمستشفى يقبل كل بشر، ويتولى علاجه بشتى الأدوية حتى يبرأ من علله، وتتم له الصحة الروحية المنشودة. والناس يتفاوتون فى حظوظهم من العافية يزودهم بها الدين بيد أن من رفض هذا العلاج الحتم، وأبى إلا البقاء بأدوائه طرد، وسدت فى وجهه أبواب الوصول إلى الله. ذلك أن عبادة الله منزلة لا يرقى إليها المفسدون والمجرمون، وأحلاس الشهوات، وعشاق العلو فى الأرض والكبر على الخلق. 091
مخ ۷۹