الرذائل التى تجر عليهم الويل، لأنها محاداة لله واستهانة بحقه، وعمى عما يجب له. ولو أن المعصية تلقى جزاءها العدل على عجل لخسف بآتيها، وذاق للفور عقبى جهله وغروره (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة). ولكن الصبور جل شأنه يمنح الخطائين فرصا واسعة كى يثوبوا لرشدهم ويعتذروا لربهم. (... ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى). من الجائز أن تنفجر فى أجسادهم مراجل الغضب الإلهى بغتة، وهم سادرون فى غيهم فلا تبقى منهم أحدا، ولا تدع لهم وسما ولا رسما ... وقد قص علينا المولى فى كتابه أخبار الأمم الأولى، وكيف هانت على الله لما أهانت أمره، وكيف نكل بها لما نكلت عن الصراط المستقيم (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون * أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون) . والخوف من الله عاطفة تدل على شرف النفس، ويقظة الحس، وامتلاك الزمام فى الساعات الحرجة، وإنه لرجل جدير بكل احترام ومثوبة هذا الذى يستمكن مما يشتهى، ثم يمتنع عنه وهو خال لا لشىء إلا لأن الله يراه. علام يدل هذا المسلك؟. إنه يدل على إيمان بالله عميق، وعلى أن ذلك الإيمان يقظان ليؤدى واجبه كالديدبان الحارس، وعلى أنه لما استثيرت النفس نهض إليها، وفرض وجوده وحده فحسم نوازع الشر. ولذلك جاء فى حديث السبعة الذين يظلهم الله، يوم لا ظل إلا ظله!. "... ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنى أخاف الله " . وهناك من يبتعد عن مثل هذه الجريمة حرضا على سمعته، وقهرا لشهوته، وعلى لسانه قول القائل: ذكرت تعلة الفتيان يوما وإسناد الملامة للمليم وهذا السلوك وإن كان شرف نفس إلا أنه ليس أثر الإيمان الذى يجب أن يملأ أرجاء النفس، وأن يسيطر على بواعث الفعل والترك فيها. 196
مخ ۱۸۶