جميل بن عبد الله بن معمر من بني عذرة من قضاعة التي تسكن بالحجاز على طريق مصر والشام، وأمه من «جذام»، وهي تسكن في الجانب الشمالي من هذه الطريق.
ويلتقي نسبه ونسب صاحبته بثينة عند جدهما حن بن ربيعة، ثم يختلفان على ما بينهما من تقارب النسب في قوة العشيرة وصلاح الحال.
فكان قومه أعز من قومها، وكان أبوه «ذا مال وفضل وقدر في أهله» يلقب بصباح ويحسب له في بطون قضاعة كلها حساب كبير.
ومن هيبته بين هذه البطون أن السلطان أهدر دم جميل إن وجده أهل بثينة في دورهم، فوجدوه عندهم مرات ولم يجترئوا على قتله، بل جعلوا يعذرون إليه وإلى أبيه مرة بعد مرة مخافة حرب لا قبل لهم بها بين العشيرتين، إلى أن أغلظ له أبوه القول من تتابع الشكوى إليه، فكف عنها ما استطاع، ثم رجع إلى سيرته معها بعد حين.
ولعله استغنى بجاه أبيه وماله عن قصد الولاة والأمراء بالمديح طلبا للجوائز والهبات، حتى كان بعضهم يستدعيه إلى مدحه، فيعدل عن ذاك إلى الفخر بقومه في حضرته، كما حدث بينه وبين الوليد بن عبد الملك حين سافر معه، ثم رجز مكين العذري بالوليد قائلا:
يا بكر هل تعلم من علاكا
خليفة الله على ذراكا
فطمع الوليد أن يمدحه جميل، ودعاه أن ينزل فيرجز، فنزل فقال مفتخرا:
أنا جميل في السنام من معد
في الذروة العلياء والركن الأشد
ناپیژندل شوی مخ