فإن يمت على الضلالة يفعل الله به ما يشاء " (1).
[اعتقاد الشيعة في الرجعة] قال صاحب الكشاف بعد كريمة * (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) * (2): وهذا مما يرد قول أهل الرجعة (3). وأراد بهم أصحابنا الإماميين، فإن القول بالرجعة والإيمان بها مما تفردوا به، ونقلوا فيه أخبارا كثيرة:
منها: أن الله سيعيد قوما عند قيام المهدي (عليه السلام) ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ممن محض الإيمان محضا ليفوزوا بنصرته ومعونته ويتبهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه ممن محض الكفر محضا لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته أو الذل والخزي مما يشاهدونه من علو كلمته (4). وهذا - أي تفردهم بذلك - هو المشهور بين أصحابنا.
ولكن يظهر من ابن الأثير في نهايته أن القول بالرجعة ليس من متفرداتهم، حيث قال: إن الرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء، يقولون: إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون: إن علي ابن أبي طالب مستقر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء أخرج مع فلان، ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى: * (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا) * (5) يريد الكفار، نحمد الله على الهداية والإيمان (6) انتهى. وهذا منهم افتراء وبهتان عظيم على الرافضة، فإنهم وإن قالوا برجعته (عليه السلام) ولكن لم يقل به أحد منهم بحياته واستقراره في السحاب، بل القول بحياته قول طائفة من الغلاة ليس إلا.
أقول: وفيما ذكره الكشاف نظر، إذ غاية ما دلت عليه الآية أن القرون الهالكة
مخ ۲۶