فإن قيل: هل قول السماء والأرض كان بلسان الحال أم المقال: قيل: إن ظهور الطاعة منهما قام مقام قولهما. وقيل: إن الله خلق فيهما كلاما فنطق من الأرض موضع الكعبة ونطق من السماء ما بحيالها.
مطلب: أصل طينة النبى (صلى الله عليه وسلم) من مكة
قال الثعلبى: خلق الله تعالى جوهرة خضراء ثم نظر اليها بالهيبة فصارت ماء فخلق الله الأرض من زبده والسماء من بخاره فكان أول ظاهر على وجه الأرض مكة. زاد غيره ثم المدينة ثم بيت المقدس ثم دحا الأرض منها طبقا واحدا ثم فتقها بعد ذلك وكذلك السماء. وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال أصل طينة النبى (صلى الله عليه وسلم) من سرة الأرض بمكة.
قال بعض العلماء: فى هذا إيذان بأنها التى أجابت من الأرض، وعن كعب الأحبار رضى الله عنه قال: كانت الكعبة غثاء على الأرض. قبل خلق السموات والأرض بأربعين سنة، ومنها دحيت الأرض فهو (صلى الله عليه وسلم) الأصل فى التكوين والكائنات تبع له.
مطلب: مدفن الإنسان بتربته
فإن قيل: مدفن الإنسان يكون بتربته، أى مكان طينته التى خلق منها وهو (صلى الله عليه وسلم) دفن بالمدينة الشريفة، أجاب بعض العلماء أن الماء لما تموج عند وقوع الطوفان ألقى تلك الطينة إلى ذلك الموضع من المدينة الشريفة. وعن ابن عباس رضى الله عنه قال: لما كان العرش على الماء قبل أن تخلق السموات والأرض بعث الله ريحا هفافة- بفاءين- فصفقت الماء فأبرزت عن خشفة فى موضع البيت كأنها قبة، فدحا الله الأرضين من تحتها فمادت ثم مادت فأوتدها بالجبال.
مطلب: أول جبل وضع فى الأرض أبو قبيس
وكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس، فلذلك سميت مكة أم القرى أى أصلها. والخشفة بالخاء والشين المعجمتين والفاء واحدة الخشف، وهى حجارة تنبت فى الأرض نباتا.
وروى عمر بن شبة فى أخبار مكة: خشعة بالعين المهملة عوضا عن الفاء وهى أكمة لاطية بالأرض. وقيل: هو ما غلب عليه السهولة وليس بحجر ولا طين. ويقال للجزيرة التى فى البحر لا يعلوها الماء خشفة بالفاء وجمعها خشاف.
مخ ۲۵