ومما يدخل في هذا الباب الأسماء المفردة الواقعة على الجنس، التي يكون بينها وبين واحدها تاء التأنيث، فانه أريد النفي كان استعمال واحدها أبلغ، ومتى أريد الإثبات، كان استعمالها أبلغ.
فالأول وهو الخاص والعام نحو قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم. . .) ولم يقل: (بضوئهم)، لأن ذكر النور في حالة النفي أبلغ، من حيث إن الضوء فيه الدلالة على النور وزيادة، فلو قال: ذهب الله بضوئهم، لكان المعنى يعطي ذهاب تلك الزيادة وبقاء ما يسمى نورًا، لأن الإضاءة، هي فرط الإنارة دليل (ذلك) قوله تعالى: (وهو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا، وقدره منازل. . .) فكل ضوء نور، وليس كل نور ضوءًا. فالغرض من قوله تعالى: (ذهب الله بنورهم) إنما هو إزالة النور عنهم رأسًا، فهو إذا أزاله فقد أزال الضوء. وكذلك أيضًا قوله: (ذهب الله بنورهم) (ولم يقل: أذهب نورهم) لأن كل من ذهب بشيء فقد أذهبه، وليس كل من أذهب شيئًا فقد ذهب به، لأن الذهاب بالشيء هو استصحاب له، ومضي به، وفي ذلك نوع احتجار
بالمذهوب به، وإمساك له عن الرجوع إلى حالته، والعود إلى مكانه وليس كذلك الإذهاب للشيء، لزوال معنى الاحتجار منه.