قال ابن رجب: وهذا يدل على أن ذكر الجلسة الثانية غير محفوظ عن يحيى.
[قلت]: مما سبق يتبين سبب إعراض الإمام أحمد عن هذه الزيادة، لضعفها وعدم ثبوتها، فقال في حديث مالك بن الحويرث بأنها لم ترو هذه الجلسة في غير هذا.
فإعراض الإمام أحمد عن هذا الحديث ونفيه له يدل على ضعفه عنده وإن لم يضعفه تصريحا.
قال ابن القيم في "الفروسية" (¬1): ومذهبه -يعني: الإمام أحمد- وهو ألا يقدم على الحديث الصحيح شيئا البتة لا عملا ولا قياسا ولا قول صاحب، وإذا لم يكن في المسألة حديث صحيح، وكان فيها حديث ضعيف وليس في الباب شيء يرده عمل به، فإن عارضه ما هو أقوى منه تركه للمعارض القوي، وإذا كان في المسألة حديث ضعيف وقياس قدم الحديث الضعيف على القياس.
وليس الضعيف في اصطلاحه هو الضعيف في اصطلاح المتأخرين، بل هو والمتقدمون يقسمون الحديث إلى صحيح وضعيف، والحسن عندهم داخل في الضعيف بحسب مراتبه، وأول من عرف عنه أنه قسمه إلى ثلاثة أقسام أبو عيسى الترمذي ثم الناس تبع له بعد، فأحمد يقدم الضعيف الذي هو حسن (¬2) عنده على القياس ولا يلتفت إلى الضعيف الواهي الذي لا يقوم به حجة، بل ينكر على من أحتج به وذهب إليه، فإن لم يكن عنده
مخ ۱۹