326

جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه

جامع البيان في تفسير القرآن

وقد يحتمل قراءة من قرأ: «فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما» أن تكون «لا» التي مع «أن» صلة في الكلام، إذ كان قد تقدمها جحد في الكلام قبلها، وهو قوله: { فلا جناح عليه } ، فيكون نظير قول الله تعالى ذكره:

قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك

[الأعراف: 12] بمعنى ما منعك أن تسجد، وكما قال الشاعر:

ما كان يرضى رسول الله فعلهما

والطيبان أبو بكر ولا عمر

ولو كان رسم المصحف كذلك لم يكن فيه لمحتج حجة مع احتمال الكلام ما وصفنا لما بينا أن ذلك مما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في مناسكهم على ما ذكرنا، ولدلالة القياس على صحته، فكيف وهو خلاف رسوم مصاحف المسلمين، ومما لو قرأه اليوم قارىء كان مستحقا العقوبة لزيادته في كتاب الله عز وجل ما ليس منه؟ القول في تأويل قوله تعالى: { ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم }. اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: { ومن تطوع خيرا } على لفظ المضي بالتاء وفتح العين. وقرأته عامة قراء الكوفيين: «ومن يطوع خيرا» بالياء وجزم العين وتشديد الطاء، بمعنى: ومن يتطوع. وذكر أنها في قراءة عبد الله: «ومن يتطوع». فقرأ ذلك قراء أهل الكوفة على ما وصفنا اعتبارا بالذي ذكرنا من قراءة عبد الله سوى عاصم فإنه وافق المدنيين، فشددوا الطاء طلبا لإدغام التاء في الطاء. وكلتا القراءتين معروفة صحيحة متفق معنياهما غير مختلفين، لأن الماضي من الفعل مع حروف الجزاء بمعنى المستقبل، فبأي القراءتين قرأ ذلك قارىء فمصيب. ومعنى ذلك: ومن تطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته الواجبة عليه، فإن الله شاكر له على تطوعه له بما تطوع به من ذلك ابتغاء وجهه فمجازيه به، عليم بما قصد وأراد بتطوعه بما تطوع به. وإنما قلنا إن الصواب في معنى قوله: } فمن تطوع خيرا } هو ما وصفنا دون قول من زعم أنه معني به: فمن تطوع بالسعي والطواف بين الصفا والمروة لأن الساعي بينهما لا يكون متطوعا بالسعي بينهما إلا في حج تطوع أو عمرة تطوع لما وصفنا قبل وإذ كان ذلك كذلك كان معلوما أنه إنما عنى بالتطوع بذلك التطوع بما يعمل ذلك فيه من حج أو عمرة.

وأما الذين زعموا أن الطواف بهما تطوع لا واجب، فإن الصواب أن يكون تأويل ذلك على قولهم: فمن تطوع بالطواف بهما فإن الله شاكر لأن للحاج والمعتمر على قولهم الطواف بهما إن شاء وترك الطواف، فيكون معنى الكلام على تأويلهم: فمن تطوع بالطواف بالصفا والمروة، فإن الله شاكر تطوعه ذلك، عليم بما أراد ونوى الطائف بهما كذلك. كما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم } قال: من تطوع خيرا فهو خير له، تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من السنن. وقال آخرون: معنى ذلك: ومن تطوع خيرا فاعتمر. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم } من تطوع خيرا فاعتمر فإن الله شاكر عليم قال: فالحج فريضة، والعمرة تطوع، ليست العمرة واجبة على أحد من الناس.

[2.159]

يقول: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات، علماء اليهود وأحبارها وعلماء النصارى، لكتمانهم الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم اتباعه، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل من البينات التي أنزلها الله ما بين من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه وصفته في الكتابين اللذين أخبر الله تعالى ذكره، أن أهلهما يجدون صفته فيهما. ويعني تعالى ذكره بالهدى، ما أوضح لهم من أمره في الكتب التي أنزلها على أنبيائهم، فقال تعالى ذكره: إن الذين يكتمون الناس الذي أنزلنا في كتبهم من البيان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وصحة الملة التي أرسلته بها وحقيتها فلا يخبرونهم به ولا يعلمون من تبييني ذلك للناس وإيضاحي لهم في الكتاب الذي أنزلته إلى أنبيائهم، { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا } الآية. كما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قالا جميعا: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بني الحارث بن الخزرج، نفرا من أحبار يهود قال أبو كريب: عما في التوراة، وقال ابن حميد عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه، وأبوا أن يخبروهم عنه، فأنزل الله تعالى ذكره فيهم: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال: هم أهل الكتاب. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال: كتموا محمدا صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبا عندهم، فكتموه حسدا وبغيا. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب } أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهو دين الله، وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب } زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة، قال له: هل تجدون محمدا عندكم؟ قال: لا.

قال : محمد «البينات». القول في تأويل قوله تعالى: { من بعد ما بيناه للناس في الكتاب }. بعض الناس لأن العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ومبعثه لم يكن إلا عند أهل الكتاب دون غيرهم، وإياهم عنى تعالى ذكره بقوله: { للناس في الكتاب } ويعني بذلك التوراة والإنجيل. وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاص من الناس، فإنها معني بها كل كاتم علما فرض الله تعالى بيانه للناس. وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

ناپیژندل شوی مخ