307

جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه

جامع البيان في تفسير القرآن

[2.136]

يعني تعالى ذكره بذلك: قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء اليهود والنصارى الذين قالوا لكم: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا: آمنا، أي صدقنا بالله. وقد دللنا فيما مضى أن معنى الإيمان التصديق بما أغنى عن إعادته. { وما أنزل إلينا } يقول أيضا: صدقنا بالكتاب الذي أنزل الله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فأضاف الخطاب بالتنزيل إليهم إذ كانوا متبعيه ومأمورين منهيين به، فكان وإن كان تنزيلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى التنزيل إليهم للذي لهم فيه من المعاني التي وصفت. ويعني بقوله: { وما أنزل إلى إبراهيم } صدقنا أيضا وآمنا بما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهم الأنبياء من ولد يعقوب. وقوله: { وما أوتي موسى وعيسى } يعني: وآمنا أيضا بالتوارة التي آتاها الله موسى، وبالإنجيل الذي آتاه الله عيسى، والكتب التي آتى النبيين كلهم، وأقررنا وصدقنا أن ذلك كله حق وهدى ونور من عند الله. وأن جميع من ذكر الله من أنبيائه كانوا على حق وهدى يصدق بعضهم بعضا على منهاج واحد في الدعاء إلى توحيد الله والعمل بطاعته، { لا نفرق بين أحد منهم } يقول: لا نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض، ونتبرأ من بعض، ونتولى بعضا، كما تبرأت اليهود من عيسى ومحمد عليهما السلام وأقرت بغيرهما من الأنبياء، وكما تبرأت النصارى من محمد صلى الله عليه وسلم وأقرت بغيره من الأنبياء بل نشهد لجميعهم أنهم كانوا رسل الله وأنبياءه، بعثوا بالحق والهدى. وأما قوله: { ونحن له مسلمون } فإنه يعني تعالى ذكره: ونحن له خاضعون بالطاعة، مذعنون له بالعبودية. فذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك لليهود، فكفروا بعيسى وبمن يؤمن به. كما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد، مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وعازر وخالد وزيد وأزار بن أبي أزار وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال:

" أؤمن بالله وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتى موسى وعيسى، وما أوتى النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "

فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا نؤمن بمن آمن به. فأنزل الله فيهم:

قل يأهل الكتاب هل تنقمون منآ إلا أن آمنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون

[المائدة: 59]. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه، إلا أنه قال: ونافع بن أبي نافع، مكان رافع بن أبي رافع. وقال قتادة: أنزلت هذه الآية أمرا من الله تعالى ذكره للمؤمنين بتصديق رسله كلهم. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم } إلى قوله: { ونحن له مسلمون } أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا ويصدقوا بأنبيائه ورسله كلهم، ولا يفرقوا بين أحد منهم. وأما الأسباط الذين ذكرهم فهم اثنا عشر رجلا من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ولد كل رجل منهم أمة من الناس، فسموا أسباطا. كما: حدثنا بشر بن معاذ قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قال: الأسباط: يوسف وإخوته بنو يعقوب، ولد اثني عشر رجلا، فولد كل رجل منهم أمة من الناس، فسموا أسباطا. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أما الأسباط فهم بنو يعقوب: يوسف، وبنيامين، وروبيل، ويهوذا، وشمعون، ولاوي، ودان، وقهاث. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: الأسباط: يوسف وإخوته بنو يعقوب اثنا عشر رجلا، فولد لكل رجل منهم أمة من الناس، فسموا الأسباط. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: نكح يعقوب بن إسحاق وهو إسرائيل ابنة خاله ليا ابنة ليان بن توبيل بن إلياس، فولدت له روبيل بن يعقوب، وكان أكبر ولده، وشمعون بن يعقوب، ولاوي بن يعقوب، ويهوذا بن يعقوب، وريالون بن يعقوب، ويشجر بن يعقوب ودينة بنت يعقوب. ثم توفيت ليا بنت ليان، فخلف يعقوب على أختها راحيل بنت ليان بن توبيل بن إلياس، فولدت له يوسف بن يعقوب وبنيامين، وهو بالعربية أسد، وولد له من سريتين له اسم إحداهما زلفة، واسم الأخرى بلهية أربعة نفر: دان بن يعقوب، ونفثالي بن يعقوب، وجاد بن يعقوب، وإشرب بن يعقوب. فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا، نشر الله منه اثني عشر سبطا لا يحصى عددهم ولا يعلم أنسابهم إلا الله، يقول الله تعالى:

وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما

[2.137]

يعني تعالى ذكره بقوله: { { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } فإن صدق اليهود والنصارى بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، وأقروا بذلك مثل ما صدقتم أنتم به أيها المؤمنون وأقررتم، فقد وفقوا ورشدوا ولزموا طريق الحق واهتدوا، وهم حينئذ منكم وأنتم منهم بدخولهم في ملتكم بإقرارهم بذلك. فدل تعالى ذكره بهذه الآية على أنه لم يقبل من أحد عملا إلا بالإيمان بهذه المعاني التي عدها قبلها. كما: حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } ونحو هذا، قال: أخبر الله سبحانه أن الإيمان هو العروة الوثقى، وأنه لا يقبل عملا إلا به، ولا تحرم الجنة إلا على من تركه. وقد روي عن ابن عباس في ذلك قراءة جاءت مصاحف المسلمين بخلافها، وأجمعت قراء القرآن على تركها. وذلك ما: حدثنا به محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي حمزة، قال: قال ابن عباس: لا تقولوا: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } فإنه ليس لله مثل، ولكن قولوا: «فإن آمنوا بالذين آمنتم به فقد اهتدوا»، أو قال: «فإن آمنوا بما آمنتم به». فكأن ابن عباس في هذه الرواية إن كانت صحيحة عنه يوجه تأويل قراءة من قرأ: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به }: فإن آمنوا بمثل الله، وبمثل ما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وذلك إذا صرف إلى هذا الوجه شرك لا شك بالله العظيم، لأنه لا مثل لله تعالى ذكره، فنؤمن أو نكفر به. ولكن تأويل ذلك على غير المعنى الذي وجه إليه تأويله، وإنما معناه ما وصفنا، وهو: فإن صدقوا مثل تصديقكم بما صدقتم به من جميع ما عددنا عليكم من كتب الله وأنبيائه، فقد اهتدوا. فالتشبيه إنما وقع بين التصديقين والإقرارين اللذين هما إيمان هؤلاء وإيمان هؤلاء، كقول القائل: مر عمرو بأخيك مثل ما مررت به، يعني بذلك مر عمرو بأخيك مثل مروري به، والتمثيل إنما دخل تمثيلا بين المروريين، لا بين عمرو وبين المتكلم فكذلك قوله: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } إنما وقع التمثيل بين الإيمانين لا بين المؤمن به. القول في تأويل قوله تعالى: { وإن تولوا فإنما هم في شقاق }. يعني تعالى ذكر بقوله: { وإن تولوا } وإن تولى هؤلاء الذين قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه كونوا هودا أو نصارى، فأعرضوا، فلم يؤمنوا بمثل إيمانكم أيها المؤمنون بالله، وبما جاءت به الأنبياء، وابتعثت به الرسل، وفرقوا بين رسل الله، وبين الله ورسله، فصدقوا ببعض وكفروا ببعض، فاعلموا أيها المؤمنون أنهم إنما هم في عصيان وفراق وحرب لله ولرسوله ولكم.

كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، عن قتادة: { فإنما هم في شقاق } أي في فراق. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: فإنما هم في شقاق يعني فراق. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { وإن تولوا فإنما هم في شقاق } قال: الشقاق: الفراق والمحاربة، إذا شاق فقد حارب، وإذا حارب فقد شاق، وهما واحد في كلام العرب. وقرأ:

ناپیژندل شوی مخ