297

جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه

جامع البيان في تفسير القرآن

[البقرة: 217] بمعنى: يسألونك عن قتال في الشهر الحرام، وكما قال تعالى ذكره:

ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا

[آل عمران: 97] بمعنى: ولله حج البيت على من استطاع إليه سبيلا. وإنما سأل إبراهيم ربه ما سأل من ذلك لأنه حل بواد غير ذي زرع ولا ماء ولا أهل، فسأل أن يرزق أهله ثمرا، وأنه يجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، فذكر أن إبراهيم لما سأل ذلك ربه نقل الله الطائف من فلسطين. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق بن الحجاج، قال: ثنا هشام، قال: قرأت على محمد بن مسلم أن إبراهيم لما دعا للحرم { وارزق أهله من الثمرات } نقل الله الطائف من فلسطين. القول في تأويل قوله تعالى: { قال ومن كفر فامتعه قليلا }. اختلف أهل التأويل في قائل هذا القول وفي وجه قراءته، فقال بعضهم: قائل هذا القول ربنا تعالى ذكره، وتأويله على قولهم: { قال ومن كفر فامتعه قليلا } برزقي من الثمرات في الدنيا إلى أن يأتيه أجله. وقرأ قائل هذه المقالة ذلك: { فامتعه قليلا } بتشديد التاء ورفع العين. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: حدثني أبو العالية، عن أبي بن كعب في قوله: { ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار } قال: هو قول الرب تعالى ذكره. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق لما قال إبراهيم: { رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر } وعدل الدعوة عمن أبى الله أن يجعل له الولاية، انقطاعا إلى الله ومحبة وفراقا لمن خالف أمره، وإن كانوا من ذريته حين عرف أنه كان منهم ظالم لا ينال عهده، بخبره عن ذلك حين أخبره فقال الله: { ومن كفر } فإني أرزق البر والفاجر { فامتعه قليلا }.

وقال آخرون: بل قال ذلك إبراهيم خليل الرحمن على وجه المسألة منه ربه أن يرزق الكافر أيضا من الثمرات بالبلد الحرام، مثل الذي يرزق به المؤمن ويمتعه بذلك قليلا، ثم اضطره إلى عذاب النار بتخفيف «التاء» وجزم «العين» وفتح «الراء» من اضطره، وفصل «ثم اضطره» بغير قطع ألفها، على وجه الدعاء من إبراهيم ربه لهم والمسألة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: قال أبو العالية: كان ابن عباس يقول: ذلك قول إبراهيم يسأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا. حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن ليث، عن مجاهد: { ومن كفر فامتعه قليلا } يقول: ومن كفر فأرزقه أيضا ثم اضطره إلى عذاب النار. والصواب من القراءة في ذلك عندنا والتأويل، ما قاله أبي بن كعب وقراءته، لقيام الحجة بالنقل المستفيض دراية بتصويب ذلك، وشذوذ ما خالفه من القراءة. وغير جائز الاعتراض بمن كان جائزا عليه في نقله الخطأ والسهو، على من كان ذلك غير جائز عليه في نقله. وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: قال الله: يا إبراهيم قد أجبت دعوتك، ورزقت مؤمني أهل هذا البلد من الثمرات وكفارهم متاعا لهم إلى بلوغ آجالهم، ثم اضطر كفارهم بعد ذلك إلى النار. وأما قوله: { فامتعه قليلا } يعني: فأجعل ما أرزقه من ذلك في حياته متاعا يتمتع به إلى وقت مماته. وإنما قلنا إن ذلك كذلك لأن الله تعالى ذكره إنما قال ذلك لإبراهيم جوابا لمسألته ما سأل من رزق الثمرات لمؤمني أهل مكة، فكان معلوما بذلك أن الجواب إنما هو فيما سأله إبراهيم لا في غيره. وبالذي قلنا في ذلك قال مجاهد، وقد ذكرنا الرواية بذلك عنه. وقال بعضهم: تأويله: فأمتعه بالبقاء في الدنيا. وقال غيره: فأمتعه قليلا في كفره ما أقام بمكة، حتى أبعث محمدا صلى الله عليه وسلم فيقتله إن أقام على كفره أو يجليه عنها. وذلك وإن كان وجها يحتمله الكلام فإن دليل ظاهر الكلام على خلافه لما وصفنا. القول في تأويل قوله تعالى: { ثم أضطره إلى عذاب النار }. يعني تعالى ذكره بقوله: { ثم أضطره إلى عذاب النار } ثم أدفعه إلى عذاب النار وأسوقه إليها، كما قال تعالى ذكره:

يوم يدعون إلى نار جهنم دعا

[الطور: 13] ومعنى الاضطرار: الإكراه، يقال: اضطررت فلانا إلى هذا الأمر: إذا ألجأته إليه وحملته عليه. فذلك معنى قوله: { ثم اضطره إلى عذاب النار } أدفعه إليها، وأسوقه سحبا وجرا على وجهه. القول في تأويل قوله تعالى: { وبئس المصير }. قد دللنا على أن «بئس» أصله «بئس» من البؤس، سكن ثانيه ونقلت حركة ثانية إلى أوله، كما قيل للكبد كبد، وما أشبه ذلك. ومعنى الكلام: وساء المصير عذاب النار، بعد الذي كانوا فيه من متاع الدنيا الذي متعتهم فيها. وأما المصير فإنه مفعل من قول القائل: صرت مصيرا صالحا، وهو الموضع الذي يصير إليه الكافر بالله من عذاب النار.

[2.127]

يعني تعالى ذكره بقوله: { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } واذكروا إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت. والقواعد جمع قاعدة، يقال للواحدة من قواعد البيت قاعدة، وللواحدة من قواعد النساء وعجائزهن قاعد، فتلغى هاء التأنيث لأنها فاعل من قول القائل: قعدت عن الحيض، ولا حظ فيه للذكورة، كما يقال: امرأة طاهر وطامث، لأنه لا حظ في ذلك للذكور. ولو عنى به القعود الذي هو خلاف القيام لقيل قاعدة، ولم يجز حينئذ إسقاط هاء التأنيث. وقواعد البيت: إساسه. ثم اختلف أهل التأويل في القواعد التي رفعها إبراهيم وإسماعيل من البيت، أهما أحدثا ذلك، أم هي قواعد كانت له قبلهما؟ فقال قوم: هي قواعد بيت كان بناه آدم أبو البشر بأمر الله إياه بذلك، ثم درس مكانه وتعفى أثره بعده حتى بوأه الله إبراهيم عليه السلام، فبناه. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: قال آدم: يا رب إني لا أسمع أصوات الملائكة قال: بخطيئتك، ولكن اهبط إلى الأرض وابن لي بيتا، ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء. فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل: من حراء، وطور زيتا، وطور سينا، وجبل لبنان، والجودي، وكان ربضه من حراء فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم بعد. حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } قال: القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك. وقال آخرون: بل هي قواعد بيت كان الله أهبطه لآدم من السماء إلى الأرض، يطوف به كما كان يطوف بعرشه في السماء، ثم رفعه إلى السماء أيام الطوفان، فرفع إبراهيم قواعد ذلك البيت. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن عمرو قال: لما أهبط الله آدم من الجنة قال: إني مهبط معك أو منزل معك بيتا يطاف حوله، كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده، كما يصلى عند عرشي. فلما كان زمن الطوفان رفع، فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه، حتى بوأه الله إبراهيم وأعلمه مكانه، فبناه من خمسة أجبل: من حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطور، وجبل الخمر. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا إسماعيل بن علية، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: لما أهبط آدم، ثم ذكر نحوه. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن سوار، عن عطاء بن أبي رباح، قال: لما أهبط الله آدم من الجنة كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم، يأنس إليهم، فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها، فخفضه إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم، استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته، فوجه إلى مكة، فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة، حتى انتهى إلى مكة.

وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن، فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان، فرفعت تلك الياقوتة، حتى بعث الله إبراهيم فبناه، فذلك قول الله:

وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت

ناپیژندل شوی مخ