جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه
جامع البيان في تفسير القرآن
يعني جل ثناؤه بقوله: { وقالوا } وقالت اليهود والنصارى: { لن يدخل الجنة }. فإن قال قائل: وكيف جمع اليهود والنصارى في هذا الخبر مع اختلاف مقالة الفريقين، واليهود تدفع النصارى عن أن يكون لها في ثواب الله نصيب، والنصارى تدفع اليهود عن مثل ذلك؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف الذي ذهبت إليه، وإنما عنى به: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا النصارى. ولكن معنى الكلام لما كان مفهوما عند المخاطبين به معناه جمع الفريقان في الخبر عنهما، فقيل: { قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } الآية، أي قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا. وأما قوله: { من كان هودا } فإن في الهود قولين: أحدهما أن يكون جمع هائد، كما جاء عوط جمع عائط، وعوذ جمع عائذ، وحول جمع حائل، فيكون جمعا للمذكر والمؤنث بلفظ واحد والهائد: التائب الراجع إلى الحق. والآخر أن يكون مصدرا عن الجميع، كما يقال: «رجل صوم وقوم صوم»، و«رجل فطر وقوم فطر ونسوة فطر». وقد قيل: إن قوله: { إلا من كان هودا } إنما هو قوله: إلا من كان يهودا ولكنه حذف الياء الزائدة، ورجع إلى الفعل من اليهودية. وقيل: إنه في قراءة أبي: «إلا من كان يهوديا أو نصرانيا». وقد بينا فيما مضى معنى النصارى ولم سميت بذلك وجمعت كذلك بما أغنى عن إعادته. وأما قوله: { تلك أمانيهم } فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن قول الذين قالوا: { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } أنه أماني منهم يتمنونها على الله بغير حق ولا حجة ولا برهان ولا يقين علم بصحة ما يدعون، ولكن بادعاء الأباطيل وأماني النفوس الكاذبة. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { تلك أمانيهم } أماني يتمنونها على الله كاذبة. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { تلك أمانيهم } قال: أماني تمنوا على الله بغير الحق. القول في تأويل قوله تعالى: { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }. وهذا أمر من الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم بدعاء الذين { قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } إلى أمر عدل بين جميع الفرق مسلمها ويهودها ونصاراها، وهو إقامة الحجة على دعواهم التي ادعوا من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد قل للزاعمين أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى دون غيرهم من سائر البشر: هاتوا برهانكم على ما تزعمون من ذلك فنسلم لكم دعواكم إن كنتم في دعواكم من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى محقين.
والبرهان: هو البيان والحجة والبينة. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { هاتوا برهانكم } هاتوا بينتكم. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { هاتوا برهانكم } هاتوا حجتكم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { قل هاتوا برهانكم } قال: حجتكم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { قل هاتوا برهانكم } أي حجتكم. وهذا الكلام وإن كان ظاهره ظاهر دعاء القائلين: { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } إلى إحضار حجة على دعواهم ما ادعوا من ذلك، فإنه بمعنى تكذيب من الله لهم في دعواهم وقيلهم لأنهم لم يكونوا قادرين على إحضار برهان على دعواهم تلك أبدا. وقد أبان قوله:
بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن
[البقرة: 112] على أن الذي ذكرنا من الكلام بمعنى التكذيب لليهود والنصارى في دعواهم ما ذكر الله عنهم. وأما تأويل قوله: { قل هاتوا برهانكم } فإنه: أحضروا وأتوا به.
[2.112]
يعني بقوله جل ثناؤه: { بلى من أسلم } أنه ليس كما قال الزاعمون
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
[البقرة: 111] ولكن من أسلم وجهه لله وهو محسن، فهو الذي يدخلها وينعم فيها. كما: حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أخبرهم أن من يدخل الجنة هو من أسلم وجهه لله الآية. وقد بينا معنى { بلى } فيما مضى قبل. وأما قوله: { من أسلم وجهه لله } فإنه يعني بإسلام الوجه التذلل لطاعته والإذعان لأمره. وأصل الإسلام: الاستسلام لأنه من استسلمت لأمره، وهو الخضوع لأمره. وإنما سمي المسلم مسلما بخضوع جوارحه لطاعة ربه. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { بلى من أسلم وجهه لله } يقول: أخلص لله. وكما قال زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له المزن تحمل عذبا زلالا
ناپیژندل شوی مخ