258

جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه

جامع البيان في تفسير القرآن

ومنه قول الله عز وجل:

يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم

[الحديد: 13] يعني به انتظرونا. وقد قرىء «أنظرنا» بقطع الألف في الموضعين جميعا، فمن قرأ ذلك كذلك أراد أخرنا، كما قال الله جل ثناؤه:

قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون

[الحجر: 36] أي أخرني. ولا وجه لقراءة ذلك كذلك في هذا الموضع لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمروا بالدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستماع منه وإلطاف الخطاب له وخفض الجناح، لا بالتأخر عنه ولا بمسألته تأخيرهم عنه. فالصواب إن كان ذلك كذلك من القراءة قراءة من وصل الألف من قوله: { انظرنا } ولم يقطعها بمعنى انتظرنا. وقد قيل: إن معنى «أنظرنا» بقطع الألف بمعنى «أمهلنا»، حكي عن بعض العرب سماعا: أنظرني أكلمك وذكر سامع ذلك من بعضهم أنه استثبته في معناه، فأخبره أنه أراد أمهلني.

فإن يكن ذلك صحيحا عنهم ف«انظر» و«أنظرنا» بقطع الألف ووصلها متقاربا بالمعنى. غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن القراءة التي أستجيز غيرها قراءة من قرأ: { وقولوا انظرنا } بوصل الألف بمعنى انتظرنا، لإجماع الحجة على تصويبها ورفضهم غيرها من القراءات. القول في تأويل قوله تعالى: { واسمعوا وللكافرين عذاب أليم }. يعني بقوله جل ثناؤه: { واسمعوا } واسمعوا ما يقال لكم ويتلى عليكم من كتاب ربكم وعوه وافهموه. كما: حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { واسمعوا } اسمعوا ما يقال لكم. فمعنى الآية إذا: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا لنبيكم راعنا سمعك وفرغه لنا نفهمك وتفهم عنا ما نقول، ولكن قولوا انتظرنا وترقبنا حتى نفهم عنك ما تعلمنا وتبينه لنا، واسمعوا منه ما يقول لكم فعوه واحفظوه وافهموه. ثم أخبرهم جل ثناؤه أن لمن جحد منهم ومن غيرهم آياته وخالف أمره ونهيه وكذب رسوله العذاب الموجع في الآخرة، فقال: وللكافرين بي وبرسولي عذاب أليم، يعني بقوله الأليم: الموجع. وقد ذكرنا الدلالة على ذلك فيما مضى قبل وما فيه من الآثار.

[2.105]

يعني بقوله: { ما يود } ما يحب، أي ليس يحب كثير من أهل الكتاب، يقال منه: ود فلان كذا يوده ودا وودا ومودة. وأما «المشركين» فإنهم في موضع خفض بالعطف على أهل الكتاب. ومعنى الكلام: ما يحب الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم. وأما { أن } في قوله: { أن ينزل } فنصب بقوله: { يود }. وقد دللنا على وجه دخول «من» في قوله: من خير وما أشبه ذلك من الكلام الذي يكون في أوله جحد فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. فتأويل الكلام: ما يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا المشركين بالله من عبدة الأوثان أن ينزل عليكم من الخير الذي كان عند الله ينزله عليكم. فتمنى المشركون وكفرة أهل الكتاب أن لا ينزل الله عليهم الفرقان وما أوحاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم من حكمه وآياته، وإنما أحبت اليهود وأتباعهم من المشركين ذلك حسدا وبغيا منهم على المؤمنين. وفي هذه الآية دلالة بينة على أن الله تبارك وتعالى نهى المؤمنين عن الركون إلى أعدائهم من أهل الكتاب والمشركين، والاستماع من قولهم وقبول شيء مما يأتونهم به، على وجه النصيحة لهم منهم بإطلاعه جل ثناؤه إياهم على ما يستبطنه لهم أهل الكتاب والمشركون من الضغن والحسد وإن أظهروا بألسنتهم خلاف ما هم مستبطنون. القول في تأويل قوله تعالى: { والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم }. يعني بقوله جل ثناؤه: { والله يختص برحمته من يشاء } والله يختص من يشاء بنبوته ورسالته فيرسله إلى من يشاء من خلقه، فيتفضل بالإيمان على من أحب فيهديه له. واختصاصه إياهم بها إفرادهم بها دون غيرهم من خلقه. وإنما جعل الله رسالته إلى من أرسل إليه من خلقه وهدايته من هدى من عباده رحمة منه له ليصيره بها إلى رضاه ومحبته، وفوزه بها بالجنة واستحقاقه بها ثناءه وكل ذلك رحمة من الله له. وأما قوله: { والله ذو الفضل العظيم } فإنه خبر من الله جل ثناؤه عن أن كل خير ناله عباده في دينهم ودنياهم فإنه من عنده ابتداء وتفضلا منه عليهم من غير استحقاق منهم ذلك عليه. وفي قوله: { والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم } تعريض من الله تعالى ذكره بأهل الكتاب أن الذي آتى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به من الهداية تفضلا منه، وأن نعمه لا تدرك بالأماني ولكنها مواهب منه يختص بها من يشاء من خلقه.

[2.106]

يعني جل ثناؤه بقوله: { ما ننسخ من آية } إلى غيره، فنبدله ونغيره. وذلك أن يحول الحلال حراما والحرام حلالا، والمباح محظورا والمحظور مباحا ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ. وأصل النسخ من «نسخ الكتاب» وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها، فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيره. فإذا كان ذلك معنى نسخ الآية فسواء إذا نسخ حكمها فغير وبدل فرضها ونقل فرض العباد عن اللازم كان لهم بها أوفر حظها فترك، أو محي أثرها، فعفي ونسي، إذ هي حينئذ في كلتا حالتيها منسوخة. والحكم الحادث المبدل به الحكم الأول والمنقول إليه فرض العباد هو الناسخ، يقال منه: نسخ الله آية كذا وكذا ينسخه نسخا، والنسخة الاسم. وبمثل الذي قلنا في ذلك كان الحسن البصري يقول. حدثنا سوار بن عبد الله العنبري، قال: ثنا خالد بن الحرث، قال: ثنا عوف، عن الحسن أنه قال في قوله: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها } قال: قال أقرىء قرآنا ثم نسيه فلم يكن شيئا، ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه. اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { ما ننسخ } فقال بعضهم بما: حدثني به موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن عمار، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { ما ننسخ من آية } أما نسخها فقبضها. وقال آخرون بما: حدثني به المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: { ما ننسخ من آية } يقول: ما نبدل من آية. وقال آخرون بما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن أصحاب عبد الله ابن مسعود أنهم قالوا: { ما ننسخ من آية } نثبت خطها ونبدل حكمها. وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { ما ننسخ من آية } نثبت خطها، ونبدل حكمها، حدثت به عن أصحاب ابن مسعود. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: حدثني بكر بن شوذب، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أصحاب ابن مسعود: { ما ننسخ من آية } نثبت خطها. القول في تأويل قوله تعالى: { أو ننسها }. اختلفت القراءة في قوله ذلك، فقرأها قراء أهل المدينة والكوفة: { أو ننسها } ولقراءة من قرأ ذلك وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون تأويله: ما ننسخ يا محمد من آية فنغير حكمها أو ننسها. وقد ذكر أنها في مصحف عبد الله: «ما ننسك من آية أو ننسخها نجيء بمثلها»، فذلك تأويل النسيان.

ناپیژندل شوی مخ