جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه
جامع البيان في تفسير القرآن
قال: وأما الرفع في قوله: { أو أشد قسوة } فمن وجهين: أحدهما أن يكون عطفا على معنى الكاف التي في قوله: { كالحجارة } لأن معناها الرفع، وذلك أن معناها معنى مثل: فهي مثل الحجارة أو أشد قسوة من الحجارة. والوجه الآخر: أن يكون مرفوعا على معنى تكرير «هي» عليه فيكون تأويل ذلك: فهي كالحجارة أو هي أشد قسوة من الحجارة. القول في تأويل قوله تعالى: { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار }. يعني بقوله جل ذكره: { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار } وإن من الحجارة حجارة يتفجر منها الماء الذي تكون منه الأنهار، فاستغنى بذكر الماء عن ذكر الأنهار، وإنما ذكر فقال «منه» للفظ «ما». والتفجر: التفعل من فجر الماء، وذلك إذا تنزل خارجا من منبعه، وكل سائل شخص خارجا من موضعه ومكانه فقد انفجر ماء كان ذلك أو دما أو صديدا أو غير ذلك، ومنه قوله عمر بن لجأ:
ولما أن قربت إلى جرير
أبى ذو بطنه إلا انفجارا
يعني: إلا خروجا وسيلانا. القول في تأويل قوله تعالى: { وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء }. يعني بقوله جل ثناؤه { وإن من الحجارة } لحجارة تشقق. وتشققها: تصدعها. وإنما هي: لما يتشقق، ولكن التاء أدغمت في الشين فصارت شينا مشددة. وقوله: { فيخرج منه الماء } فيكون عينا نابعة وأنهارا جارية. القول في تأويل قوله تعالى: { وإن منها لما يهبط من خشية الله }. قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من الحجارة لما يهبط: أي يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح من خوف الله وخشيته. وقد دللنا على معنى الهبوط فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وأدخلت هذه اللامات اللواتي في «ما» توكيدا للخبر. وإنما وصف الله تعالى ذكره الحجارة بما وصفها به من أن منها المتفجر منه الأنهار، وأن منها المتشقق بالماء، وأن منها الهابط من خشية الله بعد الذي جعل منها لقلوب الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل مثلا، معذرة منه جل ثناؤه لها دون الذين أخبر عن قسوة قلوبهم من بني إسرائيل إذ كانوا بالصفة التي وصفهم الله بها من التكذيب لرسله والجحود لآياته بعد الذي أراهم من الآيات والعبر وعاينوا من عجائب الأدلة والحجج مع ما أعطاهم تعالى ذكره من صحة العقول ومن به عليهم من سلامة النفوس التي لم يعطها الحجر والمدر، ثم هو مع ذلك منه ما يتفجر بالأنهار ومنه ما يتشقق بالماء ومنه ما يهبط من خشية الله، فأخبر تعالى ذكره أن من الحجارة ما هو ألين من قلوبهم لما يدعون إليه من الحق.
كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق. وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الانهر وإن } قال: كل حجر يتفجر منه الماء أو يتشقق عن ماء، أو يتردى من رأس جبل، فهو من خشية الله عز وجل، نزل بذلك القرآن. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. حدثني بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فهي كالحجارة أو أشد قسوة } ثم عذر الحجارة ولم يعذر شقي ابن آدم، فقال: { وإن من الحجارة لما يتفجر منه ألانهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله }. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة مثله. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ثم عذر الله الحجارة فقال: { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء }. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج أنه قال: فيها كل حجر انفجر منه ماء أو تشقق عن ماء أو تردى من جبل، فمن خشية الله نزل به القرآن. ثم اختلف أهل النحو في معنى هبوط ما هبط من الحجارة من خشية الله. فقال بعضهم: إن هبوط ما هبط منها من خشية الله: تفيؤ ظلاله. وقال آخرون: ذلك الجبل الذي صار دكا إذ تجلى له ربه. وقال بعضهم: ذلك كان منه، ويكون بأن الله جل ذكره أعطى بعض الحجارة المعرفة والفهم، فعقل طاعة الله فأطاعه كالذي روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب فلما تحول عنه حن. وكالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية إني لأعرفه الآن "
وقال آخرون: بل قوله: { يهبط من خشية الله } كقوله: جدارا يريد أن ينقض ولا إرادة له، قالوا: وإنما أريد بذلك أنه من عظم أمر الله يرى كأنه هابط خاشع من ذل خشية الله، كما قال زيد الخيل:
بجمع تضل البلق في حجراته
ترى ألاكم فيها سجدا للحوافر
وكما قال سويد بن أبي كاهل يصف عدوا له يريد أنه ذليل:
ناپیژندل شوی مخ