جامع البیان په قرآن کې د تفسیر په اړه
جامع البيان في تفسير القرآن
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى البر الذي كان المخاطبون بهذه الآية يأمرون الناس به وينسون أنفسهم، بعد إجماع جميعهم على أن كل طاعة لله فهي تسمى برا. فروي عن ابن عباس ما: حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون } أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة، وتتركون أنفسكم: أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي. وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: { أتأمرون الناس بالبر } يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة { وتنسون أنفسكم }. وقال آخرون بما: حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثني عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } قال: كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وهم يعصونه. وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون، فعيرهم الله. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا الحجاج، قال: قال ابن جريج: { أتأمرون الناس بالبر } أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة، ويدعون العمل بما يأمرون به الناس، فعيرهم الله بذلك، فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة. وقال آخرون بما: حدثني به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: هؤلاء اليهود كان إذا جاء الرجل يسألهم ما ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء، أمروه بالحق، فقال الله لهم: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون }. وحدثني علي بن الحسن، قال: حدثنا مسلم الحرمي، قال: حدثنا مخلد بن الحسين، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة في قول الله: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب } قال: قال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا. قال أبو جعفر: وجميع الذي قال في تأويل هذه الآية من ذكرنا قوله متقارب المعنى لأنهم وإن اختلفوا في صفة البر الذي كان القوم يأمرون به غيرهم الذين وصفهم الله بما وصفهم به، فهم متفقون في أنهم كانوا يأمرون الناس بما لله فيه رضا من القول أو العمل، ويخالفون ما أمروهم به من ذلك إلى غيره بأفعالهم.
فالتأويل الذي يدل على صحته ظاهر التلاوة إذا : أتأمرون الناس بطاعة الله وتتركون أنفسكم تعصيه، فهلا تأمرونها بما تأمرون به الناس من طاعة ربكم معيرهم بذلك ومقبحا إليهم ما أتوا به. ومعنى نسيانهم أنفسهم في هذا الموضع نظير النسيان الذي قال جل ثناؤه: نسوا الله فنسيهم بمعنى: تركوا طاعة الله فتركهم الله من ثوابه. القول في تأويل قوله تعالى: { وأنتم تتلون الكتب }. قال أبو جعفر: يعني بقوله: { تتلون }: تدرسون وتقرءون. كما: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك عن ابن عباس: { وأنتم تتلون الكتب } يقول: تدرسون الكتاب بذلك. ويعني بالكتاب: التوراة. القول في تأويل قوله تعالى: { أفلا تعقلون }. قال أبو جعفر: يعني بقوله: { أفلا تعقلون }: أفلا تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم ربكم التي تأمرون الناس بخلافها وتنهونهم عن ركوبها وأنتم راكبوها، وأنتم تعلمون أن الذي عليكم من حق الله وطاعته في اتباع محمد والإيمان به وبما جاء به مثل الذي على من تأمرونه باتباعه. كما: حدثنا به محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق عن الضحاك، عن ابن عباس: { أفلا تعقلون } يقول: أفلا تفهمون فنهاهم عن هذا الخلق القبيح. وهذا يدل على صحة ما قلنا من أمر أحبار يهود بني إسرائيل غيرهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يقولون هو مبعوث إلى غيرنا كما ذكرنا قبل.
[2.45]
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: { واستعينوا بالصبر } استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم من طاعتي واتباع أمري، وترك ما تهوونه من الرياسة وحب الدنيا إلى ما تكرهونه من التسليم لأمري، واتباع رسولي محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر عليه والصلاة. وقد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع: الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا. بل تأويل ذلك عندنا: أن الله تعالى ذكره أمرهم بالصبر على ما كرهته نفوسهم من طاعة الله، وترك معاصيه. وأصل الصبر: منع النفس محابها وكفها عن هواها ولذلك قيل للصابر على المصيبة : صابر، لكفه نفسه عن الجزع وقيل لشهر رمضان: شهر الصبر، لصبر صائمه عن المطاعم والمشارب نهارا، وصبره إياهم عن ذلك: حبسه لهم، وكفه إياهم عنه، كما يصبر الرجل المسيء للقتل فيحبسه عليه حتى يقتله. ولذلك قيل: قتل فلان فلانا صبرا، يعني به حبسه عليه حتى قتله، فالمقتول مصبور، والقاتل صابر. وأما الصلاة فقد ذكرنا معناها فيما مضى. فإن قال لنا قائل: قد علمنا معنى الأمر بالاستعانة بالصبر على الوفاء بالعهد والمحافظة على الطاعة، فما معنى الأمر بالاستعانة بالصلاة على طاعة الله، وترك معاصيه، والتعري عن الرياسة، وترك الدنيا؟ قيل: إن الصلاة فيها تلاوة كتاب الله، الداعية آياته إلى رفض الدنيا وهجر نعيمها، المسلية النفوس عن زينتها وغرورها، المذكرة الآخرة وما أعد الله فيها لأهلها. ففي الاعتبار بها المعونة لأهل طاعة الله على الجد فيها، كما روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة. حدثني بذلك إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: حدثنا الحسين بن رتاق الهمداني، عن ابن جريج، عن عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبيد بن أبي قدامة، عن عبد العزيز بن اليمان، عن حذيفة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة». وحدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا خلف بن الوليد الأزدي، قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبد الله الدولي، قال: قال عبد العزيز أخو حذيفة، قال حذيفة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر صلى». وكذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى أبا هريرة منبطحا على بطنه فقال له:
" اشكنب درد "
؟ قال: نعم، قال:
" قم فصل فان في الصلاة شفاء "
فأمر الله جل ثناؤه الذين وصف أمرهم من أحبار بني إسرائيل أن يجعلوا مفزعهم في الوفاء بعهد الله الذي عاهدوه إلى الاستعانة بالصبر والصلاة كما أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال له: { فاصبر } يا محمد على ما يقولون
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنآء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى
[طه: 130] فأمره جل ثناؤه في نوائبه بالفزع إلى الصبر والصلاة. وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه: أن ابن عباس نعى إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع ثم تنحى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: { واستعينوا بالصبر والصلوة وإنها لكبيرة إلا على الخشعين }. وأما أبو العالية فإنه كان يقول بما: حدثني به المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { واستعينوا بالصبر والصلوة } قال يقول: استعينوا بالصبر والصلاة على مرضاة الله، واعلموا أنهما من طاعة الله. وقال ابن جريج بما: حدثنا به القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج في قوله: { واستعينوا بالصبر والصلوة } قال: إنهما معونتان على رحمة الله. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { واستعينوا بالصبر والصلوة } الآية، قال: قال المشركون: والله يا محمد إنك لتدعونا إلى أمر كبير، قال: إلى الصلاة والإيمان بالله. القول في تأويل قوله تعالى: { وإنها لكبيرة إلا على الخشعين }. قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: { وإنها } وإن الصلاة، فالهاء والألف في «وإنها» عائدتان على «الصلاة». وقد قال بعضهم: إن قوله: { وإنها } بمعنى: إن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل الهاء والألف كناية عنه، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته. ويعني بقوله: { لكبيرة }: لشديدة ثقيلة. كما: حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا ابن يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، في قوله: { وإنها لكبيرة إلا على الخشعين } قال: إنها لثقيلة. ويعني بقوله: { إلا على الخشعين }: إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده. كما: حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { إلا على الخشعين } يعني المصدقين بما أنزل الله. وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: { إلا على الخشعين } قال: يعني الخائفين. وحدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن مجاهد: { إلا على الخشعين } قال: المؤمنين حقا. وحدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الخشوع: الخوف والخشية لله. وقرأ قول الله:
ناپیژندل شوی مخ