٩٩ - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك، ثم ترافعوا إلى النبي ﷺ فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقرّ أنه كذلك أخذ عليه، وأنه كذلك أنزل، ثم أقرّه على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله، وأعلم أن كلّ واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب، فدلّ ذلك على صحيح ما تأوّلناه.
١٠٠ - فأمّا قوله ﷺ لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة: «أصبت» وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب «١» مرسلا، فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله، وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وأنه عربي مبين، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها.
١٠١ - وكذا قوله ﷺ: «كلّ شاف كاف» «٢» أي: يشفي من التمس علمه وحكمته، ويكفي من التمس بتلاوته الفضيلة والثواب كما يشفي، ويكفي غيره من سائر الأحرف لما فيه.
١٠٢ - وكذا قوله ﷺ في الحديث الآخر: «أحسنت» «٣» أي أحسنت القصد لالتماس «٤» الثواب بقراءة القرآن على الحروف التي أقرئتها، وأحسنت في الثّبات على ما كان معك من الأحرف السبعة إذ هي متساوية.