جامع ابوالحسن البسیوی - متن محقق
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
ژانرونه
ولو جاز أن يكون غير متكلم ثم تكلم لجاز أن يقول: لم يكن عالما ثم علم، فلما كان موصوفا بالعلم كان موصوفا بالكلام، ولو لم يوصف بالكلام لوصف بضده من السكوت والآفة، فلما لم يجز أن يوصف الله بذلك وجب أن يكون متكلما، وكلامه غير مخلوق.
ولو جاز أن يكون الله تعالى موصوفا بأنه حي غير متكلم لكان موصوفا بضد الكلام، ولو لم يوصف بالحياة لوصف بضد ذلك، فلما فسد ذلك لم يجز ما قالوا؛ لأن الأضداد عن الله منفية.
وإن قال: فإذا كان الله تعالى غير فاعل فيما لم يزل، وجب أن يكون عاجزا أو تاركا؟
قيل له: ليس العجز مضادا للفعل، وذلك أنه ليس جنس من أجناس الفعل يضادد العجز، وقد يكون الشيء مع العجز.
ومن الدلالة على أن كلام الله تعالى هو شيء غير محدث ولا مخلوق؛ لأن الكلام لا يخلو من أن يكون قديما أو محدثا، فإن كان محدثا لم يخل أن يكون أحدثه في نفسه، أو قائما بنفسه أو في غيره، فيستحيل أن يحدثه في نفسه؛ لأنه ليس بمحل للحوادث بالاتفاق، ويستحيل أن يحدثه قائما بنفسه؛ لأنه صفة، والصفة لا تقوم بنفسها.
ويستحيل أن يحدثه في غيره؛ لأنه لو أحدثه في غيره لوجب أن يسبق لذلك الجسم الذي فيه الكلام من أخص أوصاف الكلام اللازمة لنفسه.
فإن كان أخص أوصافه أنه أمر وجب أن يكون ذلك الجسم آمرا أو ناهيا، فلما استحال أن يكون متكلما بكلام غيره استحال أن يحدث كلام الله في غيره، وأنه يكون |به| متكلما، فلما فسدت هذه الوجوه التي لا يخلو الكلام منها صح أنه لم يزل /64/ متكلما؛ لأن من صفته الكلام.
فإن قال: يجوز أن يحدث في غيره كلاما، يكون به متكلما؟!
قيل له: لو لزم ذلك للزم أن يعلم ويقدر بعلم وقدرة يحدثهما في غيره، كما يتفضل وينعم بما يحدثه في غيره، فإن لم يجز هذا لم يجز ما قلتموه.
مخ ۹۰