شَيْء أمرت بِهِ أَن أَفعلهُ، إِذا رَأَيْته لم تصبر. قَالَ: ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا " ثمَّ ذكر نَحوه فِي ركُوب السَّفِينَة، وَقتل الْغُلَام. ثمَّ قَالَ رَسُول الله ﷺ عِنْد هَذَا الْمَكَان: " رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى، لَوْلَا أَنه عجل لرَأى الْعجب، وَلكنه أَخَذته من صَاحبه ذمَامَة. قَالَ: إِن سَأَلتك عَن شيءٍ بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي، قد بلغت من لدني عذرا، وَلَو صَبر لرَأى الْعجب " قَالَ: وَكَانَ إِذا ذكر أحدا من الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفسِهِ. ثمَّ قَالَ: " فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا أهل قَرْيَة لئام، فَطَافَا فِي الْمجَالِس فَاسْتَطْعَمَا أَهلهَا، فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا، إِلَى قَوْله: هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك "، وَأخذ بِثَوْبِهِ ثمَّ تَلا إِلَى قَوْله: ﴿أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر﴾ إِلَى آخر الْآيَة [سُورَة الْكَهْف]، " فَإِذا جَاءَ الَّذِي يسخرها وجدهَا منخرقةً، فتجاوزها وأصلحوها بخشبة.
وَأما الْغُلَام فطبع يَوْم طبع كَافِرًا، وَكَانَ أَبَوَاهُ قد عطفا عَلَيْهِ، فَلَو أَنه أدْرك أرهقهما طغيانًا وَكفرا، فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ: " قَامَ مُوسَى النَّبِي ﷺ خَطِيبًا فِي بني إِسْرَائِيل، فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم؟ قَالَ: أَنا أعلم، فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَيْهِ، فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن عبدا من عبَادي بمجمعٍ الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ: يَا رب، وَكَيف بِهِ؟ فَقيل لَهُ: احْمِلْ حوتًا فِي مكتل، فَإِذا فقدته فَهُوَ ثمَّ. فَانْطَلق وَانْطَلق مَعَه بفتاه يُوشَع بن نون، وحملًا حوتًا فِي مكتلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْد الصَّخْرَة وضعا رؤوسهما فَنَامَا، فانسل الْحُوت من المكتل، فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سربًا، وَكَانَ لمُوسَى وفتاه عجبا " ثمَّ ذكر نَحْو ذَلِك.