د جليس سالح، کافي او د نصيحت انيس شافي
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
پوهندوی
عبد الكريم سامي الجندي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٦ هـ
د چاپ کال
٢٠٠٥ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
نَالَ الْخلَافَة إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبّه مُوسَى عَلَى قَدَر
هذي الأرامل قَدْ قَضَّيْت حاجَتَها ... فمَنْ لحاجةٍ هَذَا الأرمل الذَّكَرِ
الخيْر مَا دمتَ حَيًّا لَا يفارقنَا ... بُوركْتَ يَا عُمَر الخَيْرَاتِ من عمرِ
فَقَالَ: يَا جرير! مَا أرى لَك هَاهُنَا حَقًا، فَقَالَ: بلَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَنَا ابْن سَبِيل ومنقطع بِي، فَأعْطَاهُ من صلب مَاله مائَة دِرْهَم، وَقد ذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: وَيحك يَا جرير! لَقَدْ ولينا هَذَا الْأَمر وَمَا نملك إِلَّا ثلثمِائة دِرْهَم، فمائة أَخذهَا عَبْد اللَّه وَمِائَة أَخَذتهَا أم عَبْد اللَّه، يَا غُلَام أعْطه الْمِائَة الْبَاقِيَة، قَالَ: فَأَخذهَا وَقَالَ: وَالله لهي أحب مِمَّا اكتسبته إليَّ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لَهُ الشُّعَرَاء: مَا وَرَاءَك؟ قَالَ: مَا يسوءكم، خرجت من عِنْدَ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ يُعْطي الْفُقَرَاء، وَيمْنَع الشُّعَرَاء، وَإِنِّي لراض، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
رَأَيْت رُقَى الشَّيْطَان لَا تستفزّه ... وَقد كَانَ شيطاني من الْجِنِّ رَاقيا
وَقد كتبنَا هَذَا الْخَبَر من طُرق أُخْرَى، والقصص فِيهَا مُخْتَلفَة فِي مَوَاضِع، عَلَى تَقَارُب جُمْلَتهَا ولعلنا نأتي بهَا فِيمَا يسْتَقْبل من مجَالِس كتَابنَا هَذَا إِن شَاءَ اللَّه.
الْمُؤَنَّث الْمَعْنَوِيّ
وَفِي هَذَا الْخَبَر مَوضِع ذَكَرَ فِيهِ الْمُؤَنَّث، وَهُوَ قَوْله: وأطفأتَ بالْبُرهان نَارا تضرما، وَيُرِيد تضرمت وَفِيه قبح فِي الْعَرَبيَّة، وَالْوَجْه الَّذِي يعتل بِهِ فِيهِ عَلَى ضعفه أَنَّهُ ممّا تأنيثه لَفْظِي غَيْر معنوي حَقِيقِيّ، وَقد أَتَى مثله فِي الشّعْر فَمِنْهُ قَول الشَّاعِر:
فَلا مُزْنَةَ وَدَقَتْ وَدَقَهَا ... وَلا أَرْضَ أَبْقَلَ أَبْقَالَها
فَذَكَرَ فعل الأَرْض وَهِي أُنْثَى، وَلَو قَالَ: أبقلت ابقالها لأنث وَلم يذكّر، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ تَارِكًا للهمزة، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
عُدِّي لِغَيْبَتِي أشْهُرًا ... إِنِّي لَدَى خَيْرِ المَقَاوِل
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَإِن تعهديني وَلِيَ لمةٌ ... فإنَّ الحَوَادِثَ أَوْدَى بِها
قَالَ بَعضهم: أَرَادَ الْحِدْثان، وَقَالَ بَعضهم: ذكّر إِذْ لَمْ يكن التَّأْنِيث فِيهِ حَقِيقِيًّا، وَلَو قَالَ: أودت بهَا لصحّ الْإِعْرَاب واستقام الْوَزْن، إِلَّا أَنَّهُ يكون قَدْ أَتَى بِبَيْت غَيْر مردف فِي كلمة جَمِيع أبياتها مردفة، وَهَذَا عيب عِنْدَ أَهْلَ الْعلم بصناعة القوافي، وَقد تَأَول قَوْمٍ من أَهْلَ الْعلم بِالْعَرَبِيَّةِ قِرَاءَة من قَرَأَ " كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا " بِفَتْح الطَّاء عَلَى الْجمع، أَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَول أبي ذُؤَيب:
لَوْ أنَّ مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرِ أَحدَا ... أحْيَا أَبَاكَ لَنَا طُولُ التماديحِ
وَمثله:
إِذْ هِيَ أحْوَى من الرِّبِعيِّ، حاجبهُ ... والعينُ بالإِثْمِدِ الحَارِي مَكْحُول
1 / 43