316

د جليس سالح، کافي او د نصيحت انيس شافي

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

ایډیټر

عبد الكريم سامي الجندي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

شمېره چاپونه

الأولى ١٤٢٦ هـ

د چاپ کال

٢٠٠٥ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

طَعَاما فَأكْثر وَجَوَّدَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ الْغَدَاءُ جَاءَ متطببٌ نَصْرَانِيٌّ لِمُعَاوِيَةَ فَوَقَفَ وَجَعَلَ إِذَا أَتَى لونٌ قَالَ: كُلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا، وَإِذَا أَتَى لونٌ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ، قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنْ هَذَا.
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ غَدَائِهِمْ، أَقْبَلَ زَنْجِيَّانِ مُؤْتَزِرَانِ بربطتين بيضاويين يَدْلَحَانِ بجفنةٍ لَهَا أَرْبَعُ حَلَقَاتٍ مُتْرَعَةٍ حَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا مُعَاوِيَةُ اسْتَشْرَفَ لَهَا وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: أَيُّ شيءٍ تُرِيدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أُرِيد - وَالله - أَن أواقع ماترى، قَالَ: أُمَزِّقُ ثِيَابِي، قَالَ: وَلَوْ مَزَّقْتَ بَطْنَكَ، فَجَعَلَ يُدَبِّلُ مِثْلَ دَبْلِ الْبَعِيرِ وَيَقْذِفُ فِي جَوْفِهِ حَتَّى إِذَا نَهَلَ، قَالَ: يَا مَرْوَانُ! مَا حَيْسُكُمْ هَذَا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عجوةٌ نَاعِمَةٌ، وإقطةٌ مزنية، وسمنةٌ جهنمية، قَالَ: هَذِهِ - وَاللَّهِ - الأَشْفِيَةُ جُمِعَتْ لَا كَمَا يَقُولُ هَذَا النَّصْرَانِيُّ.
زهد بعض الصَّحَابَة وتَقَشُّفُهُم
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْخُتُلِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّكَنِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمُّ أَبِي زَحْرُ بْنُ حصنٌٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ عَمْرٍو الْوَهْبِيُّ، قَالَ: مَرَّ بِنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَنَحْنُ بسرفٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ، فَأَهْدَيْنَا إِلَيْهِ إِقْطًا وَسمنًا ولبنًا وَطَيْرًا جَاءَتْ بِهَا الرُّعَاةُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي فِي مَوْضِعِ هَذَا الطَّيْرِ حَيْثُ لَا أَرَى أَحَدًا وَلا يَرَانِي، ثُمَّ جَلَسَ يَأْكُلُ وَجَلَسْتُ آكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الأَكْلِ جَعَلَ يَلْحَسُ الصَّحْفَةَ وَيَلْعَقُ مَا فِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن! إِن هَاهُنَا من يَكْفِيك غسلهَا، فَقَالَ: إِن لَعْقَ الصِّحَافِ يَعْدِلُ عِتْقَ الرِّقَابِ.
عود إِلَى خبر مُعَاوِيَة وَأكله من الحَيْس
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْخُتُلِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السُّكَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ، قَالَ: حَجَّ مُعَاوِيَةُ وَعَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرْوَانُ، فَاتَّخَذَ طَعَامًا فَلَمَّا حَضَرَ وَجَلَسَ يَأْكُلُ قَامَ نَصْرَانِيٌّ عَلَى رَأْسِ مُعَاوِيَةَ وَجَعَلَ يَقُولُ: كُلْ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ، وَدَعْ هَذَا فَإِنَّهُ يَضُرُّكَ، وَأُتِيَ بَعْدَ الطَّعَامِ بجفنةٍ عظيمةٍ يَحْمِلُهَا أَسْوَدَانِ مُؤْتَزِرَانِ بِرَبْطَتَيْنِ بَيْضَاوَيْنِ، مَمْلُوءَةٍ حَيْسًا، أَحْسِبُ أَنَّ كُلَّ واحدٍ مِنْهُمَا يَحْمِلُ جَفْنَةً، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا مُعَاوِيَةُ فَلَمَّا وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ جَعَلَ يُدَبِّلُ مِنْهَا تَدْبِيلا، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! لَا تَأْكُلْ مِنْهَا وَإِلا مَزَّقْتُ ثِيَابِي، قَالَ: وَاللَّهِ لآكُلَنَّ وَلَوْ مَزَّقْتَ بَطْنَكَ، وَجَعَلَ يُمْعِنُ فِي الأَكْلِ حَتَّى اكْتَفَى، ثُمَّ قَالَ: يَا مَرْوَانُ! مَا جَفْنَتُكَ هَذِهِ؟ قَالَ: عجوةٌ ناعمة، وإقطةٌ مزينة وسمنةٌ جهنمية، قَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ أَشْفِيَةٌ كُلُّهَا لَا مَا يَقُولُ هَذَا النَّصْرَانِيُّ.
قَالَ مُوسَى: أَبُو السُّكَيْنِ بْنُ عَبَّاسٍ خَرَجَ إِلَى الْبَادِيَةِ إِلَى شَيْخِنَا هَذَا زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ فَكَتَبَ مِنْهُ هَذِهِ الأَخْبَارَ، وَكَانَ يُسَمِّيهَا " أَخْبَارُ الأَشْرَافِ ".

1 / 320