د جليس سالح، کافي او د نصيحت انيس شافي
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
پوهندوی
عبد الكريم سامي الجندي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٦ هـ
د چاپ کال
٢٠٠٥ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
الْجَزَاء، وَإِن الْحق فِي يدك، فهبْ لنا مَا قصّرنا فِيهِ من تَرْك الرِّمَمِ البالية، للأُمَمِ الخالية، مِنَّا فِي طَاعَة آبَائِك، فقد مَضَوْا مُتَمَسِّكِينَ بأقوى وسائلها، معتصمين بأقوى حبائلها، يوالون فِيهَا الْبعيد الجنيب، ويُنَادون فِيهَا الْقَرِيب الحبيب، عَلَى ذَلِكَ مَضَوْا وَبَقينَا حَتَّى يَرِثَنا اللَّه ﷿، وَهُوَ خيرُ الْوَارِثين.
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين! إِن اللَّه ﷿ سَهَّل بك الْوُعُور، وجَلَّى بك أَن تجور، ومَلأَ من خَوفِك القلوبَ والصُّدُور، وَجَعَل اسْمك حبلا كثيفًا، وجَبَلا منيفًا، يردعُ بك الْفَاسِق، ويقمع بك الْمُنَافِق، فَارْتَبَطَ نِعَم اللَّه ﷿ عَنْك بِالْعَفو وَالْإِحْسَان، فَإِن كلَّ إمامٍ مسؤل عَنْ رَعيته، وَإِن النعم لَا تَنْقَطِع بالمزيد فِيهَا حَتَّى ينقطعَ الشُّكْرُ عَلَيْهَا.
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين! إنَّه لَا عَفْوَ أفضلُ من عَفْو إمامٍ قادرٍ عَلَى مذنبٍ عَاثِر، وَقَدْ قَالَ اللَّه ﷿: " وليعفو وَلْيَصْفَحُوا، أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لكم ".
حاط اللَّهُ أَمِير الْمُؤْمِنِين بسَتْرِهِ الضَّافي، وصُنْعِه الْكَافِي، ثُمّ قَالَ:
أميرَ الْمُؤْمِنِين أَتَاك ركبٌ ... لَهُم قُرْبَى ولَيْسَ لَهُم بلادُ
همُ الصَّدْر الْمُقدم من قُرَيْش ... وَأَنت الرأسُ يتبعك العبادُ
فقد طابت لَك الدُّنْيَا ولذتْ ... وأرجُو أَن يطيب لَك المَعَادُ
فَقَالَ الْمَأْمُون: يفعلُ ذَلِكَ بِمَشِيئَة اللَّه، وأسأله التَّوْفِيق فِي الرِّضَا عَنْك، والإجابة إِلَى مَا سَأَلت، وَأَن يُعقب ذَلِكَ محبوبًا بِمَنِّهِ، وَجَمِيل عَادَته فِي مثله.
وَأمر بردِّ ضيَاعه، وَأحسن جائزته، وَقضى حاجاته.
المجلِسُ الثالِث وَالثلاثُونْ
لَا حَلِيم إِلا ذُو عَثْرَة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْهِبُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَارِث، عَن دراج بن السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطُّوسِيُّ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُحَمّد بْنُ إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: قَالَ: " لَا حَلِيمَ إِلا ذُو عَثْرَةٍ، وَلا حَكِيمَ إِلا ذُو تَجْرِبَةٍ ".
قَالَ القَاضِي: وَهَذَا الخبرُ من بليغ الْحِكْمَة الَّتِي أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَعلمهَا أُمته، والعاثُر إِذا كَانَ لبيبًا، والمجرِّب إِذا كَانَ مُحنَّكًا أريبًا، فَتبين هَذَا مغبة عثرته، وتهذَّب هَذَا بعواقب تجربته، استشعرا الحذار، وأنعما الِاعْتِبَار، واستصحبا الاستبصار، فتحرزا من
1 / 244