204

د جليس سالح، کافي او د نصيحت انيس شافي

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

پوهندوی

عبد الكريم سامي الجندي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٦ هـ

د چاپ کال

٢٠٠٥ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ويُقَالُ فِي الذَّمِّ: استأَثَر فلانٌ بِمالِهِ أنْ يُخرجَهُ فِي حَقِّه. وَفِي الْمَدْح: " آثرَ بِمَا عِنْده " إِذا آثر غَيره عَلَى نَفسه، وَإِذَا آثر غَيره مَعَ حَاجته كَانَ أولى بالمدح والثَّناء، وأبعدَ من الذَّمِّ والْهِجاء، قَالَ اللَّه جلّ اسْمه: " وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المفلحون "، فَبيْنَ المؤثرين والمستأثرين مَا بَيْنَ الأجواد والباخلين، والمانعين والباذلين، وَأهل هَاتين المنزلتين فِي اسْتِحْقَاق الْحَمد والذم، والتفريط والقَصْد، عَلَى رُتْبه من التَّفَاوُتِ بِحَسب مَا تقرَّر فِي الدّين، وَثَبت فِي عُرْفِ الْمُسْلِمِين، وَقَدْ قَالَ اللَّه ﷿: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك قوامًا "، وقَالَ تَعَالَى ذكرُه: " وَلا تَجْعَلْ يدك مغلولةً إِلَى عُنُقك ول تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا، إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، إِنَّهُ كَانَ بعباده خَبِيرا بَصيرًا "، وقَالَ تقدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: " وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ لرَبه كفورًا ". فقد أبان لنا ربُّنا بفضله وإنعامه علينا فِي هَذَا الْبَاب قَصْدَ السَّبِيل، وأوضح لنا محجَّة الاقتصاد والتَّعْدِيل، وبيّن أَن بَيْنَ الْإِسْرَاف والتبذير طَرِيقا أَمَمًا، وصِراطًا قِيَمًا، فإيّاه نسألُ تَوْفِيقًا لسُنَن أولى الْفَضْل، وهدايتنا سَوَاء السَّبيل، وَهُوَ حَسْبُنا وَنعم الْوَكِيل. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ ﵌، أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَعِيلُ أحدٌ عَلَى قَصْدٍ، وَلا يَغْنَى أحدٌ عَلَى سرفٍ كَبِير ". معنى يعيل هَاهُنَا: يفْتَقر، يُقَالُ: عَال الرَّجُل يَعيلُ عَيْلَةً إِذا افْتقر، قَالَ الشَّاعِر: فَمَا يَدْرِي الفقيرُ مَتَى غِنَاهْ ... وَلا يدْرِي الغنيُّ مَتَى يَعِيلُ وَجَاء عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ آخذٌ عَنْ رَبِّهِ أَدَبًا حَسَنًا، فَإِذَا وَسَّعَ عَلَيْه وَسَّعَ، وَإِذَا أَمْسَكَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ ". حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الضَّالَّ لأَنَّهُ خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ فَضَلَّ الطَّرِيقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ الضُّبَعِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﵌: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ آخِذٌ عَنْ رَبِّهِ أَدَبًا حَسَنًا، فَإِذَا وَسَّعَ عَلَيْه وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا أَمْسَكَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ ". تشدد الْقُضَاة فِي الْحق، وَتَقْدِير الْخُلَفَاء لَهُم حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَزْيَدٍ الْبُوشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ، قَالَ: حَدثنِي عمر ابْن أَبِي بَكْرٍ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ نُمَيْرٍ الْمَدَنِيِّ، قَالَ: قَدِم عَلَيْنَا أَمِيرُ الؤمنين الْمَنْصُورُ الْمَدِينَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ

1 / 208