وفى أول هذا الكتاب حكاية كلام جرى بين سقراط وقريطياس فى السياسة وفى القدماء من أهل أثينية وفى القوم الذين فى جزيرة أطلنطيس فهم الذين يضمن قريطياس القول فيهم بعد فراغ طيماوس من كلامه. ثم إن أفلاطن بعد ذلك انتقل إلى أن جعل المتكلم طيماوس لا على جهة المسئلة والجواب كما جرت العادة بذلك فيما فى كتب فلاطن من كلام سقراط لكن جعل الكلام كله لطيماوس وحده. وليس اختصارنا للمعانى التى قالها طيماوس فى هذا الكتاب مثل الذى فعلناه فى سائر كتبه التى اختصرنا معانيها. وذلك أن كلامه فى تلك الكتب واسع طويل، فأما فى هذا الكتاب ففى غاية الإيجاز وبعيد من ضيق كلام أرسطاطاليس وإغماضه ومن طول كلام فلاطن فى سائر كتبه. وإن توهمت فى القول بعض الضيق والإغماض فأعلم أن ذلك قليل جدا وأنك إن جعلت ذهنك فيه تبين لك أن سبب ذلك ليس هو إغماض الكلام فى نفسه بعينه كالذى يعرض للقارئ من قلة الفهم لما كان من الكلام بعينه جنس ما مبهم غامض. والكلام الغامض فى نفسه هو 〈الكلام الذى..........، وأما الكلام الذى ليس غامضا فى نفسه فهو〉 الكلام الذى لا يقدر على فهمه إلا من قد ارتاض فى ذلك العلم. ويثبت لك أن هذا على ما وصفت من ابتداء الكلام الذى تكلم به طيماوس. فإنه قال: «ما الشىء الموجود أبدا وليس له كون وما الشىء الكائن دائما وليس هو موجود فى وقت من الأوقات». فإن هذا الكلام عند من ارتاض فى سائر كتب فلاطن كلام بين واضح. إنه يفرق بين الجوهر الذى يفهم بالعقل وليس بجسم وبين الجوهر الحسى الذى من عادة فلاطن أن يسميه كونا لا جوهرا. وقد يوجد سقراط فى «كتاب السياسة» مرارا كثيرة يسمى الأشياء المحسوسات ولم يؤهلها لهذا الاسم. فبالواجب سمى فى هذا الموضع كل ما كان محسوسا الشىء الكائن دائما، وسمى كل ما فهم بالعقل فقط الموجود أبدا. فإذا كان كلام فلاطن فى هذا الكتاب على هذا المثال فليس يمكن اختصاره على النحو الذى اختصرت سائر كتبه. لأنى متى فعلت ذلك كنت قد اختصرت كلاما مختصرا. ولكنى أجمل فى كتابى هذا معانى ما قاله فى كتاب طيماوس بعد أن أضيف إلى ما تقدم من القول ما يتبعه:
[chapter 2]
مخ ۴