وانا احسب اني قد اتيت على السبب في قوى العادات في الاشيا التي توكل وتشرب فلناخذ الان فيما يتصل بذلك من الاشيا التي يلقي البدن من خارج وانا ارى ان السبب في هذه ايضا هو جنس السبب في الاشيا التي يقدم ذكرها وذاك ان هذه ايضا اكثر مما يحدثه من التغير في البدن انما يحدثه اولا في الاعضا التي في ظاهر البدن ثم يحدث ذلك ايضا في الاعضا الباطنة وذلك ان اول ما يحدث من الاشيا التي تبرد ان الجلد يستحصف ويكتنز ويتكاثف ثم يتصل ذلك الاجزا المتصلة به وان دام ذلك التغير على البدن مدة اطول وصل التغير الى الاعضا الباطنة حتى تشرك فيه الاعضا الظاهرة ويعرض ايضا في اول الامر ان التغير الكاين على المكان بطريق العرض لا بنفس فعل السبب الفاعل للتغير اولا يصل الى الاعضا الباطنة وتغيرها ليس بدون تغييره للاعضا الظاهرة وذلك ان الجلد اذا تكاثف كمنت الحرارة واجتمعت في باطن البدن كله وكما ان السبب البارد يفعل ما وصفنا من التغيير كذلك يفعل السبب الحار تغييرا مخالفا للتغيير الحادث عن السبب البارد وذلك ان في الطبع انما تكون الافعال الاضداد من اسباب اضداد وبعضها يكون اولا بفعل نفس السبب وبعضها بطريق العرض وهذا هو الامر الذي فيه خاصة يغلط ويخطي خلق كثير اذا نظروا الى اشيا كثيرة يفعلها سببين متضادين على مثال واحد بطريق العرض وكذلك اذا نظروا الى اشيا اضداد تحدث مرارا كثيرة من اسباب واحدة باعيانها وكذلك قد يعرض لهم ان يغلطوا في امر الاشيا التي تسخن غلطا شبيها بهذا او ذلك ان السبب الذي يسخن بمنزلة الشمس اذا هي لقيت البدن زمانا طويل المدة فهو يحدث فيه شي خلاف ما احدثه في اول الامر لانه في اول الامر يسخن الرطوبة ويرخي الجلد ويجعل اللحم الين مما كان وان داوم الرجل التردد فيه والتعرض له اياما كثيرة في وقت الصيف عريانا صار جلده قحلا صلبا وصار لحمه ايضا صلبا الا ان من كانت هذه حاله فليس العمل في بدنه للحرارة الطويلة المكث وحدها لكن لليبس المزاوج لتلك الحرارة انما في ذلك عمل كبير وكثير ما يذهب هذا عنا وننساه في النظر في امر الاسباب فلا ننظر في السبب المزاوج للسبب الفاعل فانه قد ينبغي لنا ان نتفكر في ان فعل الحرارة المرطبة غير فعل الحرارة اليابسة فهذا امر كثيرا ما لا نفعله ولذلك نغلظ اذا نحن لم ننظر في فعل كل واحد من السببين الخاص به فان تثبت الرجل وجعل ذهنا في الامر علم وتيقن ان كل واحد من الفعلين باق على حاله وذلك انه كما ان الرطوبة وحدها خلوا من الحرارة او البرودة الظاهرة انما ترطب البدن فقط والحرارة وحدها تسخنه كذلك اجتماعهما يوجد عيانا ياتي بالفعلين كليهما وذلك امر يعرض من الاستحمام بالما العذب واما في التردد في الشمس فانما يزاوج السبب المسخن سببا يابسا لان الشمس الصيفية حالها هذه الحالة واذ كان ذلك كذلك فبالواجب صار من ادمن التردد فيها والتعرض لها في وقت طويل المدة عريانا بمنزلة الحصادين والملاحين صار جلده صلبا يابسا على مثال جلود الحيوانات ذوات الجبن القشرية فكما ان الخصوصيات الطبيعية من جملة جوهر البدن تحتاج الى انواع من الاطعمة والاشربة مختلفة واختلاف حالات الجلد بالطبع في الصلابة واللين والكثافة والتخلخل يوجب ان لا تكون الابدان تسخن معها كلها على مثال واحد كذلك الامر في خصوصية الجوهر واختلاف حالات الجلد الكاينين بسبب العادة بمنزلة الخصوصية واختلاف الحال الطبيعية يوجبان ان يحدث في البدن منفعة او مضرة من قبل التغير العارض من الاطعمة والاشربة ومن الاشيا التي سخن وبرد على مثال ما يحدث من تلك وذلك ان البدن المتخلخل اللين تسرع اليه الافة اذا هو سخن واذا هو برد من خارج والبدن الكثيف الصلب يحتمل ما يلقاه من خارج ويصير على مقاومته ولا يبالي به ان كان مما سخن ومما برد وان كان مما هو صلب او خشن ولذلك صارت امثال هذه الابدان تحتمل النوم على الارض وتصبر عليه والابدان المخالفة لها لا تحتمل مثل ذلك ولا تصبر عليه وذلك انها تفسخ سريعا وتبرد وتنالها الافة من كل شي يلقاها اي شي كان سريعا
[chapter 4]
مخ ۱۴۷