لا تكذبن ومن ورائك أدمعي ... مددًا إليك بفيض دمع ساكب
وامزج بطيب تحيتي غدق الحيا ... فاجعله سقى أحبتي وحبائبي
واجنح لقرطبة فعانق تربها ... عني بمثل جوانحي وترائبي
وانشر على تلك الأباطح والربا ... زهرًا يخبر عنك أنك كاتبي
وله من أخرى:
ويالك من ذكرى سناء ورفعة ... إذا وضعوا في الترب أيمن شقيا
وفاحت ليالي الدهر مني ميتًا ... فأخرين أيامًا دفنت بها حيًا
وكان ضياعي حسرة وتندمًا ... إذا لم يفد شيئًا ولم يغنني شيا
وأصبحت في دار الغنا عن ذوي الغنا ... وعوضت فاستقبلت أسعد يوميا
أخبرني أبو عبد الله مالك بن محمد بن عمروس التجيبي: أن بعض الأدباء أرسل إلى أبي عمر القسطلي بأبيات لغز، وسأله أن يفسرها فلم يتعب خاطره فيها، وكتب على ظهر الرقعة بديهة:
إذا شذر عن العرب المعاني ... فليس إلى تعرفها سبيل
وما يحيوه هذا الدهر أنأى ... وأبعد من شبا فكر يجول
وربتما بطول الفكر يدري ... ولكن عاجل الفكر الرسول
وأنشدني له أبو جعفر بن البين بالمرية في الأمير منذر بن يحيى التجيبي صاحب سرقسطة:
يا عاكفين على المدام تنبهوا ... وسلوا لساني عن مكارم منذر
ملك لو استوهبت حبة قلبه ... كرمًا لجاد بها ولم يتعذر
سمعت أبا محمد علي بن أحمد، وكان عالمًا بنقد الشعر يقول: لو قلت إنه لم يكن بالأندلس أشعر من ابن دراج لم أبعد وقال مرة أخرى: لو لم يكن لنا من فحول الشعراء إلا أحمد بن دراج لما تأخر عن