Cogitatio
في اتجاه مقصده. فالذات تظهر في حالة الفعل بوصفها فاعلا يسعى إلى إحداث تغيرات في العالم. أما في حالة التفكير فهي تظهر بوصفها عارفة
Knower
تسعى إلى إحداث تغيرات في وعينا بالعالم.»
2
غير أننا نريد أن نفهم الفعل على أنه فعل باستمرار، سواء أكان يسعى إلى إحداث تغيرات في العالم المادي، أم إلى إحداث تغيرات في وعينا بهذا العالم، فالفرد يفعل كلما انتبه، وهو يفعل ذلك باستمرار، كائنا ما كان موضوع انتباهه. أما القول بأنه من الصعب - إن لم يكن من المستحيل - أن نفكر ونتحرك في وقت واحد ما لم يكن آليا
automatic
فإنه يكشف لنا - لا أن التفكير والحركة يحتاجان لإتمامهما إلى صورتين مختلفتين من الفعل - بل إن فعل الفاعل واحد، وهو نفسه باستمرار يوجهه أحيانا نحو الأفكار، ويوجهه أحيانا أخرى نحو الحركة. فلو أنني انتبهت إلى الأفكار؛ فإن الحركة تتوقف ما لم تكن آلية، وإذا ما انتبهت إلى الحركة؛ فإن التفكير يتوقف ما لم يكن سلسلة من تداعي الأفكار.
وعلى ذلك فالتفكير لون من ألوان الفعل، وهو ليس شيئا يتعارض مع الفعل، إن ما يمكن أن نقابل بينه وبين التفكير هو الحركة الجسمية؛ لأن كليهما يحتاج لإتمامه إلى فاعل قادر على الانتباه والانتقاء، ومن ثم فمن الخطأ أن نقصر الفعل على إحداث تغييرات في العالم الخارجي؛ لأن الفعل فعل، سواء أكانت التغيرات الناتجة عنه تغيرات تحدث في العالم الخارجي أم في عالم الأفكار. وليس ثمة ما يبرر إطلاق اسم الفعل على التغيرات التي أحدثها حين أصفع شخصا ما، بينما ننكر إطلاق مثل هذا الاسم على التغيرات التي تحدث حين أراجع أفكاري وأنا غاضب. والحق أن الأفكار والحركات تتداخل تداخلا شديدا في بعض الأحيان، حتى إنه يكاد يكون من غير الممكن أن ننسب كلا منهما إلى مقولة مختلفة من مقولات النشاط. خذ مثلا موقف أحد العلماء وهو يقوم بإجراء بعض التجارب العلمية في معمله، أو انظر إلى نفسك حين تحاول أن تربط عقدة: سوف نجد هنا أن الموضوع الذي ننتبه إليه عبارة عن أفكار تعقبها حركة الجسم، لكنهما يرتبطان ارتباطا وثيقا، حتى إنك لتجد أنه من الممكن أن نقول إن مثل هذا الشخص يفكر ويتحرك في وقت واحد. إنه لافتعال كاذب أن نفصل بين الفعل والتفكير: «فالفصل بينهما على أساس أن أحدهما «فعل» والآخر «فكر»، أو أن أحدهما «مادي» والآخر «ذهني» هو فصل مفتعل كاذب؛ لأنهما يخصان فردا واحدا متكاملا، هو الفرد السيكوفيزيقي بأكمله.»
3 (3) الإدراك الحسي إذن فعل ينتج عنه مدرك حسي، والتفكير فعل ينتج عنه فكرة، والتذكرة فعل ينتج عنه فكرة نتذكرها، والإرادة فعل ينتج عنها التغير المراد ... إلخ ... إلخ، والفرد في جميع هذه الحالات يعمل شيئا، فهو ينتبه وينتقي، ونتيجة ذلك إنما تكون عملا من الأعمال التامة
ناپیژندل شوی مخ