في هذه الساعة الحاسمة التي تتقرر فيها مصائر الشعوب، يتجه كل منا بقلبه وشعوره نحو مصر الخالدة، وهو أرسخ ما يكون إيمانا بربه وأمته، وأعمق ثقة بإخوانه ومواطنيه، وأقوى إحساسا بمسئوليته الذاتية أمام الله والوطن.
ونحن إذ نستشعر جميعا جسامة ما تلقيه الأحداث العالمية علينا من تبعات، ندرك تمام الإدراك ما يقتضيه الواجب الوطني، وينادي به الضمير الإنساني في أعماق نفوسنا، من ضرورة مواجهة الموقف في حاضره ومستقبله رجالا كراما تجمعنا وحدة الشعور بالواجب وبالشرف؛ شرف أنفسنا، وشرف بلادنا.
فإلى إخواني المواطنين من الساسة، ورجال الفكر، وأصحاب الرأي، وحملة القلم، ومن الشباب المثقف المتوثب للعمل، ومن ذوي السواعد القوية في المزارع والمصانع، إلى إخواني المصريين جميعا، أتوجه بالقول في ساعة تفرض شدتها على كل مؤمن لحق بلاده أن يجهر بالرأي خالصا لوجه الله والوطن.
لقد تفرقت في مصر الكلمة منذ الثورة، وانقسمنا شيعا وأحزابا، وعم الاضطراب كل شيء، وأصبحت مصر في قلق لا تنعم باستقرار، وتاريخها الحديث تسطره سلسلة من الأحداث المفاجئة.
إن شيئا واحدا يدني للأمة أهدافها، ويحقق غاياتها، ويجعل الفوز حليفها، ذلك هو اتحاد أبنائها، وتضامن هيئاتها، وتعاون قادتها في العمل لتحقيق مشيئتها.
إن مصر وقد نهضت نهضتها الكبرى عقب الحرب العظمى الماضية للمطالبة بحريتها، تريد اليوم أن تثب وثبتها الثانية والأخيرة لرفع كل قيد عن استقلالها، وطلب الجلاء، وتحقيق مشيئة أهل وادي النيل في وحدة مصر والسودان، باعتبار هذا الوادي وطنا مشتركا خيره لأهله جميعا، ومستقبله أمانة في عنقهم جميعا.
مصر التي كانت مهد حضارتين، وكانت مركز العالم المتمدن عدة قرون تريد أن تسترد مكانتها الدولية، وأن توثق روابط الأخوة بالدول العربية، وأن توطد التعاون معها بخطط عملية واسعة، وتريد أن تنمي العلاقات الودية ووسائل التعاون الحر مع بريطانيا حليفتها، ومع الأمم المتحدة الصديقة، وفقا للتطورات العالمية الجديدة.
نريد الصداقة البريطانية صداقة حرة تكفل حقوق الجانبين ومصالحهما المتبادلة، ونحن كمواطنين مصريين نضع بحق مستقبل مصر وسعادتها فوق كل اعتبار. إننا نريد الجلاء لأننا نريد الحرية، ونريد ألا يشطر وادي النيل؛ لأننا نرى الحياة في وحدته. إن الشعب البريطاني قد بذل من التضحيات في هذه الحرب ما يجعله خير من يقدر تضحياتنا.
وما من شك في أن إجابة المطالب المصرية مما يرفع سمعة بريطانيا العظمى في الشرق الأوسط، ومما يضمن لها معاونة الكتلة العربية وصداقتها في كل حين. والصداقة الصحيحة هي التي تبنى على الحرية والعرفان.
بذلك يتسنى لمصر النهوض بتبعاتها الدولية في عزة وكرامة، وتستطيع أن تقوم بإصلاحاتها الكبرى، اجتماعية كانت أو سياسية أم اقتصادية.
ناپیژندل شوی مخ