كانت الليدي روينا جالسة على هذا المقعد الذي يشبه العرش، وثلاث من خادماتها واقفات خلفها يصففن شعرها قبل أن ترقد لتستريح. أعرب الحاج عن إجلاله لها بأن جثا على ركبتيه.
قالت بلطف: «انهض أيها الحاج؛ فالمدافع عن الغائب له الحق في أن ينال استقبالا مميزا من جميع من يقدرون الحق والشهامة الشريفة.» ثم قالت لتابعاتها: «انسحبن، عدا إلجيثا! فأنا أود التحدث إلى هذا الحاج التقي.»
تراجعت الخادمات إلى طرف الغرفة الأبعد دون أن يغادرنها.
قالت السيدة بعد توقف للحظة: «أيها الحاج، ذكرت هذه الليلة اسما، أعني اسم إيفانهو ، في قاعات من المفترض بطبيعة الحال وبحكم القرابة أن يلقى فيها كل قبول، ولكن من سخرية القدر أنه من بين كثيرين ممن كان لا بد أن تخفق قلوبهم لاسمه، لا يجرؤ أحد، سواي، على سؤالك أين، وفي أي حال، تركت من تحدثت عنه؟»
رد الحاج بصوت مضطرب: «لا أعلم سوى القليل عن الفارس إيفانهو. تمنيت لو عرفته أكثر بما أنك يا سيدتي مهتمة بمصيره. أعتقد أنه تغلب على ظلم أعدائه في فلسطين، وهو على وشك العودة إلى إنجلترا، حيث، كما لا بد أنك تعلمين يا سيدتي، أي فرصة في السعادة تنتظره هنا.»
قالت الليدي روينا: «أدعو الله أن يصل إلى هنا سالما، وقادرا على حمل السلاح في المباراة التي على وشك أن تقام؛ فلو حصل أثيلستان أوف كوننجزبيرج على الجائزة فمن المحتمل أن يسمع إيفانهو أخبارا سيئة عندما يصل إلى إنجلترا. كيف كان حاله، أيها الغريب، عندما رأيته آخر مرة؟ هل نال المرض بشدة من قوته ووسامته؟»
قال الحاج: «كان أشد سمرة ونحافة مما كان عليه عندما أتى من قبرص، وبدا أن الهم يثقل كاهله، ولكني لم أدن منه لأنني لا أعرفه.»
روينا والحاج، بريشة أدولف لالوز.
قالت السيدة: «أخشى ألا يجد إلا قلة في وطنه ممن يبددون سحب أحزانه. شكرا لك، أيها الحاج الطيب، على معلوماتك فيما يخص رفيق طفولتي.» ثم قالت: «أيتها الخادمات، اقتربن وقدمن كأس ما قبل النوم لهذا الرجل التقي الذي لن أحول أكثر من ذلك بينه وبين أن ينال قسطا من الراحة.»
أحضرت إحدى الخادمات كأس ما قبل النوم، التي تحتوي على خليط غني من النبيذ والبهارات، والتي وضعتها روينا بالكاد على شفتيها، ثم قدمتها للحاج الذي، بعد أن انحنى احتراما، ذاق منها بضع قطرات.
ناپیژندل شوی مخ