135

قال بوا جيلبرت: «بحق السماء، إن تعويذة قد أصابتني! أكاد أظن أن ذلك الهيكل العظمي المسلوب العقل نطق بالحق، وأن التردد الذي أشعر به وأنا أفارقك فيه شيء يفوق الطبيعة.» ثم قال مقتربا منها، ولكن باحترام كبير: «أيتها المخلوقة الجميلة! إنك في ريعان الشباب، وبالغة الجمال، ولا تهابين الموت! ومع ذلك فالموت، في خزي وعذاب شديد، هو مصيرك. من ذا الذي لا يذرف الدمع من أجلك؟ إن الدمع الذي لم يعرف سبيلا إلى هذين الجفنين طيلة عشرين عاما أصبح يبللهما عندما أنظر إليك، ولكن لا بد لهذا المصير أن يكون؛ فلا شيء الآن يمكنه أن ينقذ حياتك. أنا وأنت لسنا إلا أداتين عمياوين في يد قدر محتوم لا يقاوم، يسرع بنا إلى الأمام كالسفن الضخمة التي تشق طريقها أمام العاصفة، فيرتطم بعضها ببعض، وهكذا تتحطم. سامحيني إذن، ودعينا نفترق على الأقل كما يفترق الأصدقاء. لقد حاولت عبثا أن أثنيك عن قرارك، وقراري أيضا ثابت كأحكام القدر العنيدة.»

قالت ريبيكا: «هكذا يرمي الرجال مسألة عواطفهم الجامحة على القدر، ولكني أسامحك يا بوا جيلبرت على الرغم من أنك سبب موتي قبل الأوان؛ فثمة أشياء نبيلة تعبر بذهنك القوي، ولكنه كحديقة الكسلان التي تنمو حشائشها وتتضافر لخنق البراعم الجميلة واليانعة.»

قال فارس الهيكل: «أجل؛ فأنا، يا ريبيكا، كما قلت عني، عفوي وجامح. وأنا فخور أنني، بين قطيع من الحمقى الفارغين والمتعصبين الماكرين، احتفظت بالإقدام الفائق الذي يضعني في مكانة أعلى منهم. لقد خضت المعارك منذ ريعان شبابي وإلى الآن، وكانت أهدافي عالية، وكنت ثابتا ولا أحيد في السعي وراءها. وهكذا يجب أن أبقى؛ فخورا وعنيدا وثابتا، وسأثبت للعالم ذلك، ولكن أتسامحينني يا ريبيكا؟» «برحابة صدر كما لم تسامح ضحية من قبل جلادها.»

قال فارس الهيكل: «وداعا إذن.» وغادر الغرفة.

الفصل السادس والثلاثون

عندما ترك الفارس الأسود شجرة اجتماع الخارج عن القانون الشهم، شق طريقه مباشرة نحو بيت العبادة المجاور الذي كان يطلق عليه اسم دير القديس بوتولف، حيث كان إيفانهو الجريح قد نقل - بعد الاستيلاء على القلعة - تحت قيادة جيرث المخلص ووامبا الشهم. وفي الصباح التالي، كان الفارس الأسود يستعد للمضي في رحلته، في صحبة المهرج وامبا الذي كان يصحبه كدليله.

قال لإيفانهو: «سنتقابل في كوننجزبيرج، قلعة أثيلستان الراحل؛ إذ إن أباك سيقيم مأدبة الجنازة لقريبه النبيل. أود أن أرى أفراد عشيرتك الساكسونية مجتمعين يا سيد ويلفريد، وأن أوثق الصلات معهم أكثر من ذي قبل. وستقابلني أيضا هناك، وستكون مهمتي أن أصلح بينك وبين أبيك.»

قال إيفانهو: «يا سيدي الفارس ذي القفل، حيث إنه يسعدك أن تعرف بهذا الاسم، إني أخشى أن تكون قد اخترت أحمق ثرثارا ومسببا للمشاكل ليكون دليلك، ولكنه يعرف كل طريق وممر في الغابات كما يعرفها صياد دائم التردد عليها، كما أن الوغد المسكين، كما رأيت في بعض النواحي، صلب في إخلاصه كالفولاذ.»

قال الفارس: «كلا، بما أن لديه موهبة تبيان الطريق، فلن أضيق من رغبته في تسليتي أثناء مسيرنا. وداعا يا ويلفريد الطيب. أوصيك بألا تحاول السفر حتى الغد على الأقل.»

قال ذلك ومد يده لإيفانهو الذي قبلها بشفتيه، واستأذن رئيس الدير في الرحيل، وامتطى جواده ورحل وفي صحبته وامبا.

ناپیژندل شوی مخ